المرأة في الثورات العربية.. قوة دافعة
ترجمة: حسن شعيب
بينما
تواصل الثورات الشعبيَّة العربيَّة إسقاط الأنظمة المستبدَّة في العالم
العربي، تقف المرأة العربيَّة متحديةً العزلة، والصور النمطيَّة, باعتبارها
قوة دافعة تدغم الحفاظ على زخم الاحتجاجات المستمرَّة.
"لقد
لعبت المرأة وما زالت دورًا أساسيًّا في الانتفاضات والثورات في منطقة
الشرق الأوسط, وكان تواجدها الفعلي في الشوارع بمثابة عامل هام لإظهار
قوتهن وتأثيرهن" هكذا يقول نديم حوري, أحد كبار الباحثين في "هيومن رايتس
ووتش" مضيفًا: "هذه إشارة واعدة, ومن الضروري أن تلعب المرأة الآن دورًا
رئيسيًّا في الهياكل الجديدة التي ستنبثق من هذه الثورات".
في
الواقع استطاعت عشرات الآلاف من النساء العربيات، مرتديات القمصان
والجينز، أو العباءات السوداء الطويلة والحجاب, أن يُسمعن العالم بأسرِه
أصواتهن (من تونس إلى القاهرة, ومن المنامة إلى صنعاء) المطالبة بالإصلاح
في المنطقة التي حكمت لفترة طويلة من قِبل الأنظمة القمعيَّة.
وقد
نزلت المرأة المصرية بأعدادٍ كبيرة إلى ميدان التحرير, مستوحية ذلك من
الانتفاضة التونسيَّة التي أطاحت بزين العابدين بن علي, وظلت لعدة أسابيع
ماكثة في الميدان للمطالبة بتنحي مبارك, الأمر الذي تحقَّق يوم 11 فبراير
بعد 30 عامًا في السلطة.
وتكرَّر
المشهد في عدد من البلدان المحافظة مثل اليمن وليبيا, حيث تغلبت النساء
على الأعراف الاجتماعيَّة، وانضمَّت إلى الاحتجاجات والتظاهرات ضدّ علي عبد
الله صالح ومعمر القذافي.
تقول
توكل كرمان, الناشطة اليمنية التي تقود مشاركة المرأة في الاحتجاجات
بصنعاء: "تلعب المرأة دورًا حاسمًا في المنطقة, من تونس إلى مصر وصولًا إلى
ليبيا, بل إنها كانت عاملا رئيسيًّا في إشعال الثورة", مضيفة: "برغم أن
الثورة تهدف في المقام الأول للإطاحة بالأنظمة الاستبدادية, فإنها نجحت
كذلك في التخلص من التقاليد الباليَة التي تعزل المرأة عن الحياة العامة
(بدون مبرر)".
ولم
تعبّر المرأة عن صوتها في الشوارع فحسب, بل في جميع مناحي الحياة, فقد
شاركت شريحة كبيرة من الفتيات المتعلمات في وسائل الإعلام الجديدة للتعبير
عن أصواتهن وإحداث التغيير لأوطانهن.
ولا
يمكننا أن ننسى أسماء محفوظ, المصرية التي بثَّت فيديو شهيرًا على مدونتها
يدعو لانتفاضة مصرية، ولاقى قبولا كبيرًا لدى المصريين، فخرجوا إلى الشارع
في تحدٍّ للنظام الاستبدادي المصري الذي طال أمده, وفي هذا الفيديو قالت
محفوظ: "لقد أعددت هذا الفيديو حتى أرسل من خلاله رسالة واحدة: أنه إذا ما
زال لديكم شرف, وإن كنتم تريدون أن تعيشوا بكرامة في هذا البلد, فينبغي
عليكم الخروج إلى الشوارع يوم 25 يناير".
وترى
النساء العربيات الانتفاضات في المنطقة على أنها فرصة ذهبيَّة للحصول على
حقوقهن المهضومة, وتقول إحدى عضوات جمعية حقوق المرأة المصرية: إن
الانتفاضات الشعبية في بلدها وجيرانها سوف تخلق فرص جديدة للمرأة العربية،
وأضافت الحقوقية المصرية: "لم يكن هناك فرق في الميادين التي تعجّ
بالمحتجين بين النساء اللواتي يرتدين الحجاب أو غير المحجبات" لقد جعلت
الثورة الأرض تحت الرجال والنساء على قدم المساواة والحرية".
والسؤال
الذي يطرح نفسه, هل ستسفرُ هذه الثورات في العالم العربي عن تقدم نحو
الحقوق السياسية والاقتصادية الكاملة للمرأة أم أن هذا ما زال غير واضح,
بحسب إيزابيل كولمان, العضو البارز في مجلس العلاقات الخارجيَّة في
نيويورك, ومؤلّفة كتاب "الجنة تحت قدمها: كيف تستطيع المرأة أن تتغير في
الشرق الأوسط".
وعلى
الرغم من أن المشهد السياسي لمستقبل المنطقة لا يزال غير واضح, فقد كشفت
الانتفاضات امتعاضها من الهيكل السياسي والاجتماعي القائم في أنحاء
المنطقة, كما يقول الخبراء "في الوقت الراهن لا يمكنك التحدث عن الحركة
النسائية المستقلَّة, إنها ليست ثورة بين الجنسين, لكنها ثورة للمجتمع
بأكمله وقد ظلَّت المرأة لفترة طويلة في الجزء النشط منه".
ولا
يمكن اختزال أهمية الانتفاضات في مصر وليبيا, على سبيل المثال, في التخلص
من النظام الاستبدادي والإطاحة بالديكتاتور, بل إنها تتخلَّص من جميع
المذاهب الطائفية التي أبقت هذه المنطقة متخلفةً عن ركب العالم سواء
بالتحيز ضد المرأة أو الفتن الطائفيَّة وغير ذلك".
-------------------------------
تعليقات