سقوط مبارك.. بعيون غربية
ترجمة: حسن شعيب
"أيها
المواطنون.. في ظلّ هذه الظروف العصيبة التي تمرُّ بها البلاد، قرَّر
الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلَّف المجلس
الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، والله الموفق والمستعان" بهذا
الخطاب الذي تلاه عمر سليمان، سقط نظام ظلَّ جاثِمًا على صدور المصريين
طيلة 30 عامًا، وانطلقت الاحتفالات بالثورة التاريخيَّة التي دامت فيها
الاحتجاجات والاعتصامات طوال 18 يومًا.
وبعد
هذا السقوط، علقت صحيفة واشنطن بوست الأمريكيَّة، قائلة: إن تنحي الرئيس
مبارك بمثابة ميلاد جديد للعالم العربي, مشيرةً إلى أن المصريين لم يطالبوا
بإسقاط نظام مبارك بسبب فساده وقمعه أو لانتشار البطالة فحسب، ولكن
لاستعادة كرامتهم التي أُهينت كثيرًا إبان هذا العهد الذي قزَّم الدور
المصري في العالم بصفة عامَّة, وأن ثورة مصر ستحيي العالم العربي بأسره.
وأضافت
الصحيفة الأمريكيَّة: لقد استطاع المصريون تحقيق التغيير، ليس فقط بتغيير
الحكومة وتحقيق بعض الإصلاحات السياسيَّة، ولكن بإحداث ثورة ديمقراطيَّة،
وتأكيد المسير نحو الإصلاح السياسي الذي يبدو أنه سيتحقق أخيرًا في منطقة
افتقرت إلى الديمقراطيَّة طويلا، لقد وضعت هذه الانتفاضة نهايةً لعقود من
الجمود، ومن شأنها أن تغيِّر العالم العربي كله للأبد، إلا أنها لم تكتملْ
بعد، وهذه مجرد بداية فحسب، وهذا نفس ما قاله الرئيس الأمريكي في بيانٍ له
حول ثورة المصريين، حيث قال: "إن تنحي مبارك عن السلطة ليست إلا البداية
لانتقال السلطة في مصر".
أما
الكاتب البريطاني روبرت فيسك فقال في جريدة ذي اندبندنت البريطانية، تحت
عنوان "رحيل طاغية وفرحة شعب": فور سماع خبر تخلي مبارك عن السلطة انفجر
الجميع فجأة في الغناء والضحك والبكاء والدعاء، وسجد كثيرون على الأرض
وقاموا بتقبيلها, ثم أخذوا يرقصون ويشكرون الله الذي خلَّصهم من
الديكتاتور, وذرفت الدموع وانهمرت على الملابس، لقد بدا المشهد وكأن
المصريين في عرس، وأن رجلا وامرأة يتزوجان في هذه اللحظة، وأن هذه الفرحة
لم يمنعْها سوى عقود من الديكتاتورية والقمع والذل والألم وإراقة الدماء.
وأشار
فيسك إلى أن هذا الحدث سيظلُّ محفورًا في التاريخ، ويعرف باسم ثورة 25
يناير، وهو اليوم الذي انفجرت فيه الثورة، واليوم الذي هبَّ فيه الشعب
المصري لاستعادة كرامته وحريته، لقد رحل الرجل العجوز وسلَّم السلطة للجيش.
أما
صحيفة "تلجراف" فقد أكَّدت أن قوة الشعب صنعت تاريخ مصر من جديد, بعد رضوخ
مبارك الطاغية لإرادة حشود الشعب الهائلة، ورصدت الصحيفة البريطانية لحظة
ابتهاج هؤلاء المحتجين في ميدان التحرير والذي كان بمثابة مقرّ اعتصام "قوة
الشعب", حيث قال أحد الشباب: "إنه أعظم يوم في تاريخ مصر"، كما أصرَّ
المتظاهرون من حوله أن الجيش سيفي بوعده بالتنحي بعد فترة انتقاليَّة
وإجراء انتخابات نزيهة في البلاد.
من
جانبها قالت صحيفة جارديان البريطانية في افتتاحيتها التي حملت عنوان
"عالم عربي جديد شجاع" : لقد انتهت ثلاثون عامًا من الديكتاتورية خلال 30
ثانية، وهو الوقت الذي استغرقه عمر سليمان في قراءة إعلان تخلي مبارك عن
السلطة في مصر.
وأكَّدت
الصحيفة أن الشعب المصري استطاع أخيرًا أن يحقِّق ما يريد، ويُسمع صوته
بعد احتجاجات عمت معظم مدن مصر خلال 18 يومًا تصدى خلالها الشباب المعتصمون
في ميدان التحرير للكثير من وسائل النظام السابق الذي كان يلفظ أنفاسه
مثل: البلطجة وإطلاق الرصاص والاعتقالات وكذا قطع خدمات الإنترنت وشبكات
الهاتف المحمول وملاحقة وسائل الإعلام الرسميَّة لهم.
وقالت
الصحيفة: إنه مهما حدث فقد كانت هذه لحظة ذات أهميَّة تاريخيَّة, وأن هذه
الثورة ستُعيد مصر في قلب الوطن العربي كقائد, مؤكِّدة أن هذه الثورة قام
بها أناس عاديون لكنهم كانوا يمتلكون مثابرة استثنائية مطالبين بالحقوق
السياسية والأساسيَّة مثل انتخابات حرَّة ونزيهة وأحزاب سياسيَّة حقيقية
وإنهاء حالة الطوارئ وغيرها من الحقوق.
رحيل
الطاغية المصري كسقوط جدار برلين, هكذا شبهت صحيفة نيويورك تايمز تنحي
مبارك عن حكم مصر, حيث قالت الصحيفة: إن ما حققه المصريون من إجبار الرئيس
مبارك على التخلي عن السلطة، التي مكث فيها طيلة ثلاثين عامًا، يشبه إلى
حدٍّ كبير سقوط جدار برلين في ألمانيا عام 1989، إن لم يكن أكبر منه.
كما
أشادت الصحيفة الأمريكيَّة بالإنجاز التاريخي الذي حقَّقه الشعب المصري،
لا سيما الشباب الذي أكد للعالم بأسره أن المصريين يستحقون هذه الفرحة التي
سادت مصر بأكملها بعد تنحي مبارك، نظرًا لأنه يُعد إنجازًا مذهلا لم يكن
أحد من المتظاهرين يتخيَّل تحقيقه, لكنهم تمكَّنوا خلال أقلّ من ثلاثة
أسابيع بالوسائل السلميَّة من وضع نهاية لاستبداد دام ثلاثين عامًا.
واستطردت
"نيويورك تايمز" قائلة: ينبغي على الدولة شعبًا وقيادة في هذه الآونة
العمل الجاد لتكوين نظام ديمقراطي جديد ليحلَّ محلّ هذا النظام البائد،
وهذا يتطلب نفس اليقظة والعزيمة والانضباط التي أظهرها المتظاهرون خلال
الأيام والليالي التي أمضوها معتصمين في ميدان التحرير, مشيرةً إلى أن
المصريين تمكنوا من الحصول على فرصة لخلق مجتمع عادل وحرّ, بل إن
المتظاهرين ألهمونا جميعًا.
وبدورها
قامت الصحف الإسرائيليَّة أيضًا بتغطية هذا الحدث بما يربطها من علاقات
ومعاهدات سلام مع مصر، كان يحافظ عليها حليفهم القوي في المنطقة حسني
مبارك, فقالت يديعوت أحرنوت : أخذ المصريون بعد إعلان تنحي مبارك يهتفون
"مبارك برة" وقال أحد هؤلاء المحتجين "لقد أصبحنا أحرارًا بعد ثلاثين
عامًا, لقد مضت حقبة الديكتاتورية".
كما
أبدى المسئولون الإسرائيليون قلقهم من مصير معاهدة السلام مع مصر, حيث قال
أحد المسئولين رفيعي المستوى للصحيفة الإسرائيليَّة: إنه يأمل أن تكون
الفترة الانتقاليَّة في مصر بعد تنحي "مبارك" عن السلطة هادئة وبعيدة عن
المفاجآت, مؤكدًا أنه ينبغي الحفاظ على اتفاقية السلام التي وقّعت بين مصر
وإسرائيل عام 1979، ودامت باقية لمدة 30 عامًا، وهي ما تقارب مدة حكم
الرئيس مبارك.
------------------
تعليقات