الحجاب في تركيا.. بين الحظر والسماح
ترجمة: حسن شعيب
عَادَ
الحجاب في تركيا إلى الواجهة السياسيَّة مجددًا بعد التحذيرات التي
أطلقَها المدعي العام للحكومة من أن إلغاء الحظْر على ارتدائِه في
المؤسَّسات التعليميَّة يهدِّد علمانيَّة الدولة، وردَّ رئيس البرلمان محمد
علي شاهين عليه مؤيدًا إلغاء الحظر على الحجاب في المؤسَّسات العامة،
ومطالبًا السلطة القضائيَّة بعدم التعدِّي على اختصاصات السلطة التشريعيَّة
صاحبة القرار في مسألة الحجاب، واصفًا هذه التحذيرات بأنها "غير مقبولة".
في
هذا السياق تحاول الناشطة وعالمة الاجتماع، هلال كابلان، الردّ على بعض
مزاعم المعارضين للحجاب، في مقال نشرتْه صحيفة "حرييت" التركية تحت عنوان (
كشف النقاب عن الجدل الحقيقي الدائر حول الحجاب في تركيا)، هذه ترجمته:
من
الضروري أن تعمل الحكومة التركية على تهدئة مخاوف معارضي الحجاب، في الوقت
الذي تقوم فيه برفع الحظر المفروض عليه في الجامعات والمؤسَّسات العامَّة,
على الجانب الآخر ينبغي ألا يُغالي المعارضون في مخاوفهم لتصل إلى انتهاك
حقوق الآخرين وخاصَّة المحجَّبات.
صحيحٌ
أن المناهضين للحجاب أثاروا بعض المسوِّغات لاعتراضاتِهم, ومنها أن
الفتيات غير المحجَّبات يشعرْن بالضغط وعدم الراحة في الفصول الدراسيَّة،
لكن ذلك لا يتعدَّى كونَه محض افتراض لا أساس له، فعندما نرجعُ إلى
التاريخ, قبل عمليَّة 28 فبراير (انقلاب عام 1997), نجد أن جامعات إسطنبول
ومرمرة كانت تضمُّ العديد من الطالبات المحجَّبات, ولم تكن وسائل الإعلام
تنقل أي شكوى أو حادثة حول هذا الضغط وعدم الارتياح المزعومَيْن، بل أظهرتْ
بعض النساء غير المحجبات دعمًا كبيرًا للمحجَّبات في الاحتجاجات التي وقعت
فيما بعد.
وبطبيعة
الحال فقد كان في طليعة المعارضين لرفع حظر الحجاب في الجامعات حزب الشعب
الجمهوري، المعارض الرئيسي للحكومة، الذي دعا إلى التوصُّل إلى ما أسماه
"حلول وسط للتوافق الاجتماعي", وهذا الاقتراح خطير للغاية؛ لأنه باختصار
يمثل تنازلًا عن الحقوق الأساسيَّة للمرأة, وإذا ما تركنا المواطن تحت رحمة
مواطن آخر, فما الداعي إذا لوجود الدولة؟
هؤلاء
الذين يعتقدون أن السيدة الأولى في تركيا, خير النساء جول, "عار" على
تركيا الحديثة؛ لأنها ترتدي الحجاب يركِّزون على "الصورة السياسيَّة" فحسب،
غاضين الطرفَ عن حقيقة أن هؤلاء المحجبات يرغبن في الذهاب إلى الجامعات,
وارتقاء أعلى المناصب في العمل, والانخراط في المجتمع".
إن
حرمان المحجَّبات من دخول سوق العمل، ومنعهن من التفاعل مع المجتمع، بحظْر
الحجاب, يعتبر قرارًا بعزلِهن عن العالم، حيث أظهرت الدراسات المختلفة أن
70% من النساء التركيَّات يرتدين الحجاب بشكلٍ أو بآخر, وهذا الرقم كبير
للغاية ولا يمكن تجاهلُه.
هذا
الحظر يعدُّ حرمانًا للمرأة المسلِمة من حريتِها الاقتصاديَّة، ويجعلها
عاجزةً عن جَلْب حقوقها إذا ما اختلفت مع أسرتِها وزوجِها, وبالطبع إذا
استمرَّ حظْر الحجاب داخل نطاق الوظائف العامَّة, فقد يصل التضييق إلى فرص
العثور على عمل في القطاع الخاص, لأن المرأة المحجَّبَة سيظلُّ يُنظر إليها
على أنها "غير مرغوب فيها".
ومما
يتذرَّع به المعارضون للحجاب أن المحجَّبات ربما تواجهُهن مشاكل جمَّة عند
الانخراط في وظائف الخدمة المدنيَّة, بحجَّة أن القضاة المحجَّبات لن
يكنَّ محايدات أو ربما ترفض الطبيبات التي ترتدي الحجاب علاج المرضى
الذكور, وهي افتراضات يمكن أن يتمَّ ضبطُها بصورة روتينيَّة كما هو الحال
مع أي موظَّف آخر.
كما
استندَ الكثير من المعارضين إلى أن بعض النساء ارتدين الحجاب تحت ضغوط
عائليَّة, وإذا سلَّمنا جدلًا بذلك، ففي الوقت ذاته هناك العديد من
المحجَّبَات اللواتي ناضلن من أجل ارتداء الحجاب.
على
سبيل المثال، ارتديتُ الحجاب وكان عمري 18 عامًا, ولم يَحُلْ اعتراض والدي
دون ذلك, لكن كان عليَّ إقناع والدي بما أعتقدُه، وقد فعلتُ.
طالع ..المصدر
تعليقات