كفانا صمتًا!
ترجمة: حسن شعيب
تاليا
ساسون.. مواطنةٌ إسرائيليَّة، وعضو اللجنة العامة لمنظمة "ياش دن"
المعارضة لانتهاك حقوق الفلسطينيَّة، وشغلت سابقًا منصب المدعية العامة
الإسرائيليَّة، هالها حجم القسوة التي يتعرض لها المزارعون الفلسطينيون على
أيدي قطعان المستوطنين، تحت حماية الشرطة والجيش الإسرائيليَّيْن، فصرخت
ساسون: "حان الوقت لإنهاء الصمت"، بينما لا تزال قلوب بعض بني جلدتنا على
الفلسطينيين كالحجارة أو أشد قسوة!
لا
تهتمُّ وسائل الإعلام حاليًا سوى بالحديث عن التجميد السابق والقادم
للمستوطنات, وهل سيقرِّر عباس إنهاء المحادثات أم لا, وإمكانيَّة غلق نافذة
الأمل في أي لحظة, والمصالح الإسرائيليَّة المعقَّدة، ومصالح الولايات
المتحدة الملحَّة, وما يمارسه الرئيس الأمريكي من ضغط, بينما يحبس العالم
أنفاسه- لكن هذا كله ليس سوى ضجيج في خلفيَّة المشهد.
لقد
صُمَّت آذانهم, وقستْ قلوبهم, فلم يعدْ لديهم حاجة لسماع الكلمات، ظلَّ
العالم صامتًا متفرجًا, بينما كانت تُجتثُّ أشجار الزيتون المزدهرة،
وتُحرَّق الحقول، ويُطرَد المزارعين بقسوة من حقولهم التي عملوا فيها عشرات
السنين, وأصبحت المصدر الرئيسي لكسب رزق أطفالهم, وفي الوقت ذاته هرعت
الأيدي, التي اقتلعت هذه الأشجار, إلى تثبيت أنظمة حديثة لريّ حدائق العنب
المزروعة في الحقول المنهوبة, ثم استضافة السياح اللامبالين بعد ذلك
لاحتساء الخمر المصنوع من عنب هذه الأرض.
وبطبيعة
الحال, يُفضل المسئولون - الشرطة الإسرائيلية وجنود الجيش الإسرائيلي- في
الغالب مراقبة الأحداث من بعيد, كما لو كانوا يُعانون من خَلَل أساسي في
الرؤية, وأن القدرات السمعيَّة لديهم ليست على ما يرام.
من
أجل ذلك, لا أحد يعرف ما إذا كانت الحكومة الإسرائيليَّة تخوض محادثات
السلام على محمل الجدّ أم لا, فبعض المستوطنين ما زالوا يستخدمون ذات اللغة
التي عرفتها إسرائيل منذ 43 عامًا وحتى الآن: الاستيلاء بالعنف على الأرض,
وتطبيق قانون الغاب في الضفة الغربيَّة, نيابة عن بلد بأكملِه, تُفضِّل أن
تغضَّ الطرف عما يحدث, وربما تفقد الأمل برمته حينما تستيقظ.
لا
بدَّ أن يتصدى كلٌّ من رئيس الوزراء ووزير الدفاع, الذي يؤدي وظيفته
بطريقة بدائيَّة للغاية, لما يجري ويضعا حدًّا لهذا الطَّيْش الذي نراه في
الآونة الأخيرة في كل مكان, وكذلك منْع الأعمال التي تمثل وصمة عار في
تاريخ المجتمع الإسرائيلي إلى الأبد, إن لم يكن اليوم, فغدًا, وستتذاكر
الأجيال المقبلة هذا فيما بعد.
أولا وقبل كل شيء لا بد من وضع حدٍ لهذه الأعمال الشنيعة.
الآن
ما هو دورنا؟ هل يظل هذا الجمهور الذي يسمع ويرى صامتًا؟ هل تعتبر هذه
الانتهاكات مجرد وجهات نظر سياسيَّة, أم أنها مسألة تناقض الشعور الطبيعي
والبسيط لمفهوم العدل عند كل شخص؟
كيف
يمكن للشعب الذي زعم كثيرًا أنه عانى من العنصريَّة أكثر من أي أمَّة أخرى
على وجه الأرض, أن يُغلِق أذنَيْه ويأبى سماع صرخات جيرانه الفلسطينيين
بينما تُنهَب أراضيهم وتُقمع حريتهم، وتنتهك كرامتهم، وتقطع أرزاقهم,
ويُدهس أطفالهم بلا أي ذنب ارتكبوه؟!
على
أقلّ تقدير, ينبغي أن نقول ما يلي: نحن, الذين نجلس هنا في أمان, لا ينبغي
أن نظلَّ صامتين، على أقلّ تقدير, لا ينبغي أن نبقى صامتين, فقد آن الأوان
لنصدح بالحق صارخين.
--------------------
طالع..المصدر
تعليقات