استفتاء السودان.. نار يشعلها الغرب
ترجمة: حسن شعيب
يستعد السودان لإجراء استفتاء، خلال مائة يوم من الآن,حول
انقسامه إلى دولتين، شمالية وجنوبية، الأمر الذي يُثير كثيرًا من القلق
لدى الشعب السوداني. ومع ارتفاع حدة التوتر، وما يحيط بالحكومة السودانية
من ضغوطات، يبقى التدخل الغربي الداعم بقوة لهذا الاستفتاء أمرًا مريبًا. وبرغم
أنّ بعض التقديرات والتقارير تُفيد بأنّ السودان على شفا حربٍ أهلية, يدعم
المجتمع الدولي برمته عملية الاستفتاء الذي ستُقرر ما إذا كانت الدولة
ستقسم إلى نصفين.
من جانبه أولى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الاستفتاء اهتمامًا خاصًا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك حيث قال: "يجب
أنّ يتم الاستفتاء على حق تقرير المصير في موعده وبشكلٍ سلمي، وينبغي
احترام إرادة شعب جنوب السودان. ما سيحدث في السودان، في الأيام المقبلة،
قد يقرر ما إذا كان الناس الذين تحملوا الكثير من الحروب سيمضون نحو السلام
أو يعودون إلى الوراء، وإراقة الدماء". وفي وقت سابق عزّزت إدارة أوباما من جهودها الرامية إلى التخفيف من حده الأزمة الّتي تلوح في الأفق، حيث أوفدت الدبلوماسي المخضرم برينستون ليمان للانضمام إلى المبعوث الأمريكي الخاص سكوت غريشن في السودان, حيث تلتزم الولايات المتحدة بحق تقرير المصير السكان المسيحيين في جنوب السودان.
ومن
جهته قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: "لا يمكننا أن نترك
الشعب السوداني يعود للصراع مرة أخرى, ينبغي علينا أن نساعد الشمال والجنوب
في إيجاد وسيلة سلمية. وهذه واحدة من أهم الفرص المتاحة أمامهم".
وبخصوص الشأن الداخلي، ذكرت مجلة كريستيان ساينس مونيتور أنّ
السودان مُقبلة على حرب أهلية بسبب هذا الاستفتاء، وهو ما لا يشك فيه أي
سوداني؛ فعندما سُئِل أحد المواطنين في الجنوب لماذا لم تنخرط العائلات في
زراعة المحاصيل, قال "ماثيو ماجوك", وقد بدا رابط الجأش: "حدث ذلك بعد
اندلاع الحرب الأهلية منذ خمس سنوات, فنحن نعتقد أنّه قد تكون هناك حرب
أخرى", قالها وكأنه يتحدث عن هطول الأمطار كل عام.
جديرٌ
بالذكر أنّ ما قاله "ماجوك" لم يكن فريدًا أو غريبًا على الجنوب, حيث أن
معظمهم يعتقدون أن تجدد اندلاع حربًا أهلية بين الشمال والجنوب قد بات
وشيكًا, رغم اتفاق السلام الشامل في عام 2005 والذي يقضي بحق الجنوب في
إجراء استفتاء للانفصال عن الشمال في يناير 2011.
أما جريدة واشنطن بوست
فقد شككت في إجراء الاستفتاء في موعده؛ وذلك لأنّ المفاوضات بشأن ترسيم
الحدود والتحضير لإجراء الاستفتاء متأخر للغاية، وهو ما قد يفضي إلى إعلان
الجنوب انفصاله عن السودان من جانب واحد، مما قد ينتج عنه انعكاسات خطيرة.
وأكّدت
الصحيفة الأمريكية أنّ المحللين يخشون أن أي تأخير في الاستفتاء قد يؤدي
إلى عودة الحرب الأهلية، المستمرة منذ عقود طويلة، والتي أسفرت عن مقتل
مئات الآلاف من السودانيين, فيما توقع البعض أن يكون الاستفتاء "فوضويًا،
أو يتم تأخيره".
ويقول
المحللون إنّ الحكومة السودانية في الخرطوم تبدوا مترددة في التخلي عن
حقول النفط الغنية في الجنوب, والتي كان لها الفضل أن تبقي السودان وحكومته
على قيد الحياه في ظل العقوبات الاقتصادية الّتي فرضتها الولايات المتحدة
منذ 1990 باعتبارها دولة راعية للارهاب, لذلك فإنّ خسارة الموارد الغنية
الموجودة في الجنوب ستكون لها عواقب اقتصادية وخيمة على الشمال والحكومة في
الخرطوم. ونتيجة لذلك فإنّ الحكومة السودانية لن تسمح بإجراء الاستفتاء
حتى تتوصل إلى اتفاقيات بشأن القضايا المتصلة بمستقبلها الاقتصادي, فإذا ما
فشلت مفاوضات مستقبل الشمال الاقتصادي فإنّ الاستفتاء سيكون في خطر.
صورةٌ
قاتمة تنتظر السودان في قابل الأيام, في ظل هذا الاستفتاء الّذي لم تجري
التحضيرات له بعد، والذي ربما يُشعل حربًا أهلية أخرى بين الشمال والجنوب،
قد يستمر أثرها لعقود.
-------------------
طالع..المصدر
تعليقات