تجارة البغاء في بريطانيا
ترجمة: حسن شعيب
في كشفٍ مفجع, سلطت جريدة ذي اندبندنت البريطانية الضوء على تجارة البغاء في بريطانيا، التي لم يعد ضحاياها من الأجنبيات فقط، بل اتسعت لتصبح فضيحة محلية النشأة شملت القاصرات البريطانيات.
في أول صورة مدرسية لها, كانت "جوان" تبدو كأي فتاة أخرى من أترابها في سن الخامسة, تحب الرسم والتصوير، ولعبتها المفضلة لعبة الغميضة مع أشقائها الخمسة في الغابات المجاورة لمنزلها في "ليدز"، كما كانت تحب التسكع والدردشة والضحك مع الأصدقاء, هكذا كانت حياتها التي سرعان ما تحولت في سن الثانية عشرة عندما كانت تلعب خارجًا والتقت بعصابة من الرجال, الذين أصبحوا قوادين لها فيما بعد، بعدما قاموا بإهانتها والإساءة إليها وجرها إلى وحل الرق والبغاء وإجبارها على ممارسة الرذيلة.
وببلوغها سن 16 عامًا، كانت "جوان" تختفي من منزل العائلة لعدة أسابيع مرة واحدة، فقد كان يتم نقلها كرهًا ما بين "مانشستر" و"روشتديل" و"برادفورد" ومدن أخرى لا حصر لها، وتظل حبيسة غرفتها طوال الوقت مرغمة على ممارسة الجنس بشكل متكرر مقابل المال، الذي لم تكن تنتفع بأي منه! لقد وقعت جوان وغيرها ضحية للاتجار بالجسد، وهذه المرة لم يكن نساء يتم جلبهن من الخارج بشكل غير قانوني، بل كن بريطانيات المنشأ والمولد. وليست "جوان" سوى نموذج للعديد من الفتيات القاصرات اللاتي يتعرضن لمثل هذه المحن المروعة في جميع أنحاء بريطانيا. ومع ذلك فإن المعلومات المتوفرة عن الاتجار غير المشروع بالفتيات القاصرات في بريطانيا ضئيلة للغاية، لكن الخبراء يقولون: إن الأرقام الرسمية الأولية في هذا الصدد ليست سوى "غيض من فيض".
وتظهر البيانات الصادرة من المركز البريطاني لمكافحة الاتجار بالبشر عن تسجيل 38 امرأة بريطانية كضحايا لهذا النشاط من الفترة ما بين أبريل 2009 وحتى مارس 2010، وهي الأرقام التي أعقبت إجراء مسح من قبل جمعية "برناردو" الخيرية للأطفال، والتي كشفت عن استغلال 609 أطفال جنسيًا في العام الماضي فقط. نعود إلى "جوان" التي تربي أمها "كريستين" ستة أطفال، وتحاول حماية ابنتها، لكن الوضع تفاقم بسرعة وصار خارج نطاق السيطرة.. كيف؟ تجيب الأم قائلة: "حاولتُ مرارًا حبسها لكنها أوشكت على كسر رقبتها بقفزها من نوافذ الطابق العلوي"
لقد صارت "جوان" تتعارك مع والدتها للخروج من المنزل. وبيان ذلك أن الإطراء تحول منذ وقت طويل إلى أعمال عنف, فالقوادون يتصلون بـ "جوان" هاتفيًا ويجبرونها على مغادرة المنزل لممارسة البغاء، ويهددونها، في حال امتناعها، بإنزال الأذى بها وبأسرتها. وتضيف والدتها: "هؤلاء الوحوش قاموا بغسل أدمغة هؤلاء الفتيات القاصرات.. ابنتي تبدوا وكأنها منومه مغناطيسيًا".
حتى توسلات الأم للشرطة ومنظمات الخدمات الاجتماعية كانت تصيب آذانًا صماء, "كنت أقول لهم: متى يقومون بعمل شيء ما؟ فكانوا يجيبون: إنهم لا يستطيعون عمل شيء إلا إذا اشتكت الفتاة، ولكن متى ستقرر الفتاة أنه ينبغي عليها أن تشتكي؟ وحتى عندما حصلتُ على لوحات السيارات التي تقل الفتاة من المنزل، لم تقبلها الشرطة"!
ويقول نشطاء مناهضون للاتجار بالبشر: إن معظم الضحايا تتراوح أعمارهن ما بين 12 و16 عامًا، ويقوم رجال بتعهدهن بالرعاية كي يجبروهن على ممارسة البغاء. وعادة ما تستهدف الفتيان والفتيات القاصرات من قبل شخص واحد يفوز بثقتهن ثم يبيعهن لآخرين، حيث يتم نقلهم بالقوة والإكراه في أنحاء بريطانيا. ويقول "توني بلوكلي", رئيس قسم الجريمة بشرطة ديربي: "لقد كنا نعتقد دومًا أن هذه المشكلة تأتينا من الخارج، في حين أنها تحدث في حقيقة الأمر على أعتاب منازلنا، وحجمها هائل ومروع، وبشكل مخيف".
وهو ما وصفته "جوان سميث"، الكاتبة والناشطة البريطانية في مجال حقوق الإنسان ومناهضة تجارة البغاء في بريطانيا بأنه "أحد أشكال العبودية", قائلة: "دعونا نُسمي هذا النوع من التجارة باسمه الحقيقي، إنه رق واستعباد". وتقول "شيلا تايلور"، رئيس الفريق الوطني المناهض للاستغلال الجنسي للأطفال والشباب: "ما نراه هو غيض من فيض، ويحدث في مدن وبلدات كثيرة، لكن لم يكن هناك ملاحقة لهؤلاء الذين يستغلون الأطفال جنسيًا". ومثل كثير من آباء الضحايا، أصاب "كريستين" الإحباط بعدما لقيت قضيتها تجاهلًا مستمرًا، جعلها تعلق المسئولية في رقبة السلطات التي "عرفت أن هذا يحدث في بلادنا لفترة طويلة, ولم تحرك ساكنًا"!
--------------------
طالع..المصدر
في كشفٍ مفجع, سلطت جريدة ذي اندبندنت البريطانية الضوء على تجارة البغاء في بريطانيا، التي لم يعد ضحاياها من الأجنبيات فقط، بل اتسعت لتصبح فضيحة محلية النشأة شملت القاصرات البريطانيات.
في أول صورة مدرسية لها, كانت "جوان" تبدو كأي فتاة أخرى من أترابها في سن الخامسة, تحب الرسم والتصوير، ولعبتها المفضلة لعبة الغميضة مع أشقائها الخمسة في الغابات المجاورة لمنزلها في "ليدز"، كما كانت تحب التسكع والدردشة والضحك مع الأصدقاء, هكذا كانت حياتها التي سرعان ما تحولت في سن الثانية عشرة عندما كانت تلعب خارجًا والتقت بعصابة من الرجال, الذين أصبحوا قوادين لها فيما بعد، بعدما قاموا بإهانتها والإساءة إليها وجرها إلى وحل الرق والبغاء وإجبارها على ممارسة الرذيلة.
وببلوغها سن 16 عامًا، كانت "جوان" تختفي من منزل العائلة لعدة أسابيع مرة واحدة، فقد كان يتم نقلها كرهًا ما بين "مانشستر" و"روشتديل" و"برادفورد" ومدن أخرى لا حصر لها، وتظل حبيسة غرفتها طوال الوقت مرغمة على ممارسة الجنس بشكل متكرر مقابل المال، الذي لم تكن تنتفع بأي منه! لقد وقعت جوان وغيرها ضحية للاتجار بالجسد، وهذه المرة لم يكن نساء يتم جلبهن من الخارج بشكل غير قانوني، بل كن بريطانيات المنشأ والمولد. وليست "جوان" سوى نموذج للعديد من الفتيات القاصرات اللاتي يتعرضن لمثل هذه المحن المروعة في جميع أنحاء بريطانيا. ومع ذلك فإن المعلومات المتوفرة عن الاتجار غير المشروع بالفتيات القاصرات في بريطانيا ضئيلة للغاية، لكن الخبراء يقولون: إن الأرقام الرسمية الأولية في هذا الصدد ليست سوى "غيض من فيض".
وتظهر البيانات الصادرة من المركز البريطاني لمكافحة الاتجار بالبشر عن تسجيل 38 امرأة بريطانية كضحايا لهذا النشاط من الفترة ما بين أبريل 2009 وحتى مارس 2010، وهي الأرقام التي أعقبت إجراء مسح من قبل جمعية "برناردو" الخيرية للأطفال، والتي كشفت عن استغلال 609 أطفال جنسيًا في العام الماضي فقط. نعود إلى "جوان" التي تربي أمها "كريستين" ستة أطفال، وتحاول حماية ابنتها، لكن الوضع تفاقم بسرعة وصار خارج نطاق السيطرة.. كيف؟ تجيب الأم قائلة: "حاولتُ مرارًا حبسها لكنها أوشكت على كسر رقبتها بقفزها من نوافذ الطابق العلوي"
لقد صارت "جوان" تتعارك مع والدتها للخروج من المنزل. وبيان ذلك أن الإطراء تحول منذ وقت طويل إلى أعمال عنف, فالقوادون يتصلون بـ "جوان" هاتفيًا ويجبرونها على مغادرة المنزل لممارسة البغاء، ويهددونها، في حال امتناعها، بإنزال الأذى بها وبأسرتها. وتضيف والدتها: "هؤلاء الوحوش قاموا بغسل أدمغة هؤلاء الفتيات القاصرات.. ابنتي تبدوا وكأنها منومه مغناطيسيًا".
حتى توسلات الأم للشرطة ومنظمات الخدمات الاجتماعية كانت تصيب آذانًا صماء, "كنت أقول لهم: متى يقومون بعمل شيء ما؟ فكانوا يجيبون: إنهم لا يستطيعون عمل شيء إلا إذا اشتكت الفتاة، ولكن متى ستقرر الفتاة أنه ينبغي عليها أن تشتكي؟ وحتى عندما حصلتُ على لوحات السيارات التي تقل الفتاة من المنزل، لم تقبلها الشرطة"!
ويقول نشطاء مناهضون للاتجار بالبشر: إن معظم الضحايا تتراوح أعمارهن ما بين 12 و16 عامًا، ويقوم رجال بتعهدهن بالرعاية كي يجبروهن على ممارسة البغاء. وعادة ما تستهدف الفتيان والفتيات القاصرات من قبل شخص واحد يفوز بثقتهن ثم يبيعهن لآخرين، حيث يتم نقلهم بالقوة والإكراه في أنحاء بريطانيا. ويقول "توني بلوكلي", رئيس قسم الجريمة بشرطة ديربي: "لقد كنا نعتقد دومًا أن هذه المشكلة تأتينا من الخارج، في حين أنها تحدث في حقيقة الأمر على أعتاب منازلنا، وحجمها هائل ومروع، وبشكل مخيف".
وهو ما وصفته "جوان سميث"، الكاتبة والناشطة البريطانية في مجال حقوق الإنسان ومناهضة تجارة البغاء في بريطانيا بأنه "أحد أشكال العبودية", قائلة: "دعونا نُسمي هذا النوع من التجارة باسمه الحقيقي، إنه رق واستعباد". وتقول "شيلا تايلور"، رئيس الفريق الوطني المناهض للاستغلال الجنسي للأطفال والشباب: "ما نراه هو غيض من فيض، ويحدث في مدن وبلدات كثيرة، لكن لم يكن هناك ملاحقة لهؤلاء الذين يستغلون الأطفال جنسيًا". ومثل كثير من آباء الضحايا، أصاب "كريستين" الإحباط بعدما لقيت قضيتها تجاهلًا مستمرًا، جعلها تعلق المسئولية في رقبة السلطات التي "عرفت أن هذا يحدث في بلادنا لفترة طويلة, ولم تحرك ساكنًا"!
--------------------
طالع..المصدر
تعليقات