غضبٌ غير مبرَّر ضد المسلمين


ترجمة: حسن شعيب
بحلول شهر سبتمبر القادم, ستحيي الولايات المتحدة الأمريكية الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر، وبحلول أكتوبر ستحيي الذكرى التاسعة للحرب الأطول في تاريخ أمريكا، على أفغانستان، وفي ظل إرهاصاتٍ تُشير إلى استمرار ما يسمى بالحرب على الإرهاب، بشكلٍ أو بآخر، فلا غروَ أن تفسدَ هذه الأجواء نظرتنا إلى المسلمين والدول الإسلامية.
ومن المسلَّم به أن يحدِّد هذا الصراع شكل علاقتنا بالمسلمين, ويرغمنا على إجراء نقاشات عدائيَّة بشأن هذه العلاقة في أنحاء أمريكا، بل إن القضية أضحت شخصيَّةً بالنسبة لهؤلاء الأشخاص, الذين خدموا في أفغانستان والعراق.
التجربة المباشرة
قبل عدة سنوات, كانت لي تجربةٌ من نوع مختلف في بلد، هو على النقيض من الأحداث التي تهيمن على أخبار اليوم.
في أولى رحلاتي, انطلقت طائرتُنا الجوية من طراز سي-130 من دكا في بنجلادش, حيث كانت المياه الملونة المتموِّجة تحتنا تندفع داخل الأحياء الفقيرة والأكواخ، منهمرةً في الشوارع والحقول.
وخلافًا لمعظم الفيضانات في الولايات المتحدة, حيث تفيضُ مياه النهر على ضفافِه، ثم تجري في مساراتها المخصَّصة لها, لم يجد الفيضان البنجالي قنوات ليسير فيها، وكنا إذا ارتفعنا أكثر بالطائرة وجدنا المياه تمتدُّ بشكل أفقي, ومن أعلى بَدَت الفيضانات وكأنها بحرٌ داخلي.
وعلى متن الطائرة كان يركب معنا عشراتٌ من طلاب سلاح الجوّ البنجالي, وكانت هذه هي المرة الأولى للكثير منهم، بعد عدَّة دقائق على الإقلاع, حدث عطلٌ في الطائرة وقمنا بإغلاق المحرِّك, وأعلنت حالة الطوارئ واستدرنا وعدنا أدراجَنا إلى دكا, وقمتُ بالاعتذار للطلاب على هذه الجولة القصيرة المرهقة للأعصاب, لكن لم يبدُ عليهم الانزعاج.
وسرعان ما تحوَّلت مهمتنا في إظهار قدرات سي-130, بسبب الفيضان, إلى عملية إغاثة, وذلك بالعمل مع المدنيِّين والعسكريين البنجاليين, وقمنا بتقديم المواد الغذائية واللوازم الطبية إلى الأماكن التي قطعت الفيضانات الطرق السريعة المؤدية إليها.
لا وجود للعداء
لم نواجهْ أي لحظة من العداء من أي شخص موجود في تلك البلاد المسلمة، كان هذا في عام 1998, وما زلتُ إلى الآن مولعًا بالذكريات الجميلة في بنجلاديش, وما يتمتع به أهلها من حسّ الفكاهة والدعابة، وما يمتلكونه من شجاعة وإبداع في مواجهة الشدائد.
وبالطبع, كانت هذه الأحداث قبل هجمات 11 سبتمبر, لكنها تظهرُ أن الأمريكان والمسلمين في جنوب آسيا ليسوا أعداء بالضرورة، وبرغم وجود الإسلاميين المتشددين في بنجلادش فإنها لم تصبح مدرسة  رئيسية أو ملجأً أو نقطة عبور لأولئك الإسلاميين كحال جارتها التاريخية باكستان, لذا فإن الإسلام ليس المشكلة.
التفكير الموحل
بعد أحداث 11 سبتمبر, بدأت مرحلة جديدة من التفكير بشكل قذِر وضبابي، توسّع خلالها غضبنا لينتقل من الإرهابيين إلى المسلمين بصفة عامة، إنني أتفهَّم جذور هذا الغضب: فقد كان لي أصدقاء على الطائرات المختطفة التي اصطدمت بالبنتاجون وبمبنى التجارة العالمي، وفي أول بعثة عسكرية لي في أفغانستان, حملت في ملابسي العسكرية صورة قديمة لبرجي التجارة العالمي، نعم لا زلت غاضبًا إزاء أحداث 11 سبتمبر, وكذلك أشعر بالغضب حيال الجهود المتواصلة لمهاجمة الولايات المتحدة, مثل محاولة تفجير تايمز سكوير في وقت سابق من هذا العام، كما يتملَّكُني الغضب عند سماعي أن جنديًّا قد أُصيب بالإعاقة أو التشويه بسبب العبوات التفجيرية الناسفة, وما يثير غضبي أكثر حقًّا عند رؤيتي لصناديق الجثامين المحمَّلة في مقصورة الطائرات وملفوفة بالعلم, في الواقع, كل هذا الغضب يتملكني, ولكني عندما أشعرُ بأن الغضب ينحي منحنى التحامل؛ فإني أحاول جاهدًا أن أتذكر بعثة بنجلادش، حيث كان الحلفاء فيها من المسلمين, بينما كان الأعداء الوحيدون هم الجوع والأمراض التي تنقلها مياه الفيضان.
طالع ..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء