إسرائيل تُورِد نفسَها المهالِك
ترجمة: حسن شعيب
جميعُنا
يريد أن يعرف كثيرًا من الأمور التي ما زالت يكتنفها بعض الغموض بشأن ما
حدث في الساعة الرابعة فجر يوم الاثنين الماضي في المياه الدولية, قبالة
سواحل قطاع غزة, عندما هاجمت القوات الخاصة الإسرائيلية (أسطول الحرية)
الذي كان يسعى لكسر الحصار الإسرائيلي منذ فترة طويلة بحملها للمساعدات
الغذائية والأدوية.
فنحن
بحاجة لفكّ رموز تلك الملابسات, هل قام الكوماندوز الإسرائيلي الذين هبطوا
على سفن المساعدات من طائرات الهليكوبتر بفتح النار على الفور, كما قال
المتضامنون على الأسطول المكون من ست سفن؟.. أم أن الركاب (العُزَّل) قاموا
بالاعتداء عليهم أولا بالسكاكين والهراوات ثم قاموا في نهاية المطاف
باستخدام البنادق, كما ادَّعى المسئولون الإسرائيليون؟
وهل
كانت السفن تحمل على متنها الروائيين والحاصلين على جائزة نوبل للسلام
وكبار السن الناجين من محرقة الهولوكوست, كما أفادت التقارير والأخبار, أم
أنها تقل عليها المعادين لإسرائيل, كما أراد المدافعون عن الغارة أن
نعتقده؟ هل كان الهدف من الأسطول توصيل حوالي 10 آلاف طن من المساعدات
لسكان غزة المحتاجين في أسلوب من العصيان المدني السلميّ, أم أن السفن
أبحرت لاستفزاز إسرائيل مما أفرز رد فعل عنيف من إسرائيل ومن ثم مقتل ما لا
يقل عن تسعة عشر مدنيًّا بالرصاص على ظهر الأسطول؟
وكما
هو الحال في كثير من الأحيان, عندما تتعلق الأمور بالأحداث بين
الإسرائيليين والفلسطينيين, يستمع ويقتنع المؤيدون لأي من الطرفين رواية
الأحداث التي تعضِّد موقف من يؤيده, إلا أن هذه الحالة تختلف كثيرًا ولا
يمكن إنكارها: إن إسرائيل بفعلتها تلك أوردت نفسها المهالك.
إن
قرار نشر القوات المسلحة واستخدام القوة المفرطة لعرقلة أسطول المساعدات
وبعد ذلك السماح لهم بالاشتباك والعدوان واستخدام الأسلحة مما أسفر عن مقتل
الكثير من المدنيين, سيكون بمثابة ضربة أخرى لعملية السلام المتعثِّرة,
كما أنه أثبت كثيرًا من قول القائلين بأن استخدام إسرائيل "غير اللائق"
للقوة دليل على موقفها المتعجرِف تجاه الإنسانية, وكانت النتيجة أن قامت
تركيا, أحد حلفاء إسرائيل القلائل في العالم الإسلامي, بسحب سفيرِها من
إسرائيل بعد قتل مواطنيها في الحادث الأليم.
ولا
يفوتُنا بالطبع أننا نود، في الأيام المقبلة، معرفة ما الذي اعتمد عليه
مسئولو الاستخبارات الإسرائيلية في التخطيط لعملية البحر الأبيض ضد
الأسطول, ولماذا قاموا بارتكاب هذه الجريمة (العملية) في المياه الدولية,
كما نريد أن نفهم لماذا قامت القوات, التي تمتلك الغاز المسيل للدموع
والطلقات المطاطية وغيرها من أدوات السيطرة على الحشود أو المقاومة, بنزع
فتيل الوضع بإطلاق النار والرصاص الحي على المدنيين.
والمدهش
في الأمر أننا إذا قمنا بتسمية ما قامت به إسرائيل بالقرصنة, فنريد أن
نفهم إذا كان بمقدور قراصنة الصومال الاستيلاء على السفن الضخمة في المياه
الدولية بدون إراقة دماء المدنيين, فلِمَ لم يستطع مجموعة من الكوماندوز
القيام بذلك على الأقل ولم تقدم على قتل المدنيين؟!
وحتمًا,
سوف يلقي الحادث اهتمامًا جديدًا على الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة
لعزل حكومة حماس هناك, ونحن نتفق مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
أن "الحصار يخلق معاناة غير مقبولة, كما أنه يُسيء إلى قوى الاعتدال".
وعلى
فرض أننا وقفنا في صفّ إسرائيل ودعمناها في حقها للدفاع عن نفسها –كما
تزعم- وقمنا بتأييدها فيما تتخذه من تدابير أمنيَّة لوقف القصف عبر حدودها
ومنع وصول أسلحة بصورة غير مشروعة من الدخول إلى غزة عبر البرّ أو البحر
فإننا نعارض وبقوة ما قامت به إسرائيل تجاه المساعدات وأسطولها كما ننادي
أيضا بنهاية للحصار, الذي يمكن تسميته بالعقاب الجماعي لنحو 1.5 مليون
فلسطيني.
----------------------طالع..المصدر
تعليقات