أوباما.. ومجزرة "الحرية"
ترجمة: حسن شعيب
إذا
كانت إدارة أوباما لديها مهارةٌ خاصَّة في إدارة علاقاتها مع الحكومة
الإسرائيلية المتطرفة تحت رئاسة بنيامين نتنياهو, فما الذي ستقوم به، أو
يتوجب عليها، للردّ على الهجوم الإسرائيلي المميت على أسطول الحرية؟ فلا
يمكن لأحد أن يبرِّر قرار نتنياهو باستخدام القوة العسكرية ضد سفن تحمل على
متنها بعض الوُجَهاء الأوروبيين والأمريكيين, والأكثر من ذلك الأسلوب
الدموي الذي نُفِّذَت به, كما أوضحت الصحافة الإسرائيلية نفسها، بل كان
من المفترض أن تُعبِّر إدارة أوباما عن غضبها الأخلاقي, على الأقل, حيال
هذا العدوان الذي ارتكبته إسرائيل ضد أسطول الحرية وشرفائه.
مشاركة بالصَّمْت
إن
صمتَ أوباما وإدارته تجاه تلك المجزرة ورفضه إدانتها, سوف يُكلِّفُه ثمنًا
غاليًا في المنطقة بالطبع, ولا سيما في ظلّ وجود تركيا في هذه الأزمة
بعدما تعرَّض بعض مواطنيها للقتل على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي, بل
والأكثر من ذلك أن أوباما بدا ضعيفًا و ظالمًا في المنطقة- من إسطنبول إلى
دمشق والرياض ولبنان- بشكل عام.
لا
نريد من هذه الإدارة الأمريكية إلا أن تعبر عن غضبِها لما حدث, فهي التي
لم توفِّرْ جهدًا للدفاع عن إسرائيل بشتى الطرق, وهذا ما لم تقُمْ به دولة
أخرى حتى وقتنا الحالي, فهي التي قامت في مجلس الأمن بمنع صدور قرار ضد
إسرائيل يُدينها, ولكنها قامت بالموافقة على قرار يدين الأعمال الغامضة
(حسب القرار, من أطراف مجهولة الهوية) والتي أدت إلى مقتل 9 أشخاص.
وبالرغم
من ذلك لم يكنْ هذا القرار كافيًا طبقًا لمعايير مجموعات الضغط اليهودية
الأمريكية القويَّة, فقد نشرت وكالة البرق اليهودية مقالًا بعنوان (أوباما
لا يلتزم) تدعو فيه إلى ضرورة ضغط الأيباك والجماعات الأخرى على الإدارة
الأمريكية لتقديم مزيد من الدعم لإسرائيل, وقد استشهدت الوكالة بما قاله
"إليون أبرام", متطرف صهيوني محسوب على صقور الإدارة السابقة: "كان من
الواجب على فريق أوباما أن يمنع صدور أي قرار مهما كان".
دفاعٌ باستماتة
ومما
لا شك فيه أن إدارة أوباما تلقَّت تلك الرسائل؛ لذلك قال "جو بايدن"
بالدفاع عن نتنياهو, حسبما ذكرت وكالة البرق اليهودية: "إن لإسرائيل الحق
المطلق في الدفاع عن مصالحها الأمنية، ومن حقها أن تقول إنها لا تعرف ماذا
يوجد على متن هذا الأسطول, وأن الذين على متنه قاموا بإلقاء 3000 صاروخ على
شعبي".
شئنا
أم أبَيْنا, هناك ثابت واحد تحافظ عليه هذه الإدارة الحالية, برغم اختلاف
سياساتها تجاه الشرق الأوسط عما كانت عليه الإدارة السابقة, وهو عدم إدانة
الولايات المتحدة أعمال إسرائيل العدوانيَّة فيما يتعلق بالأمور الأخلاقية
مهما وصلتْ إليه, على اعتبار أن هذا ليس بدورها.
مغامرةٌ غيرُ محسوبة
ومن الواضح للعيان, أن دور الولايات المتحدة هو الإبقاء على دعمِها لإسرائيل,
وإن كان تعامل أوباما وإدارته مع الحادث ينقصُه الكثير من الدبلوماسية،
وأن دفاع الولايات المتحدة عن إسرائيل في داخل الأمم المتحدة وخارجها سوف
يُعرِّض علاقاتها مع حلفائها في المنطقة وخاصة تركيا لمغامرة غير محسوبة،
ناهيك عن الدول العربية، في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة للفوز بتأييد واسع
النطاق لاستصدار قرار جديد بشأن فرض عقوبات من مجلس الأمن ضد إيران.
لقد
وضع أوباما نفسه في هذا المأزق -بغضّ النظر عما قام به في العام الماضي-
بسبب وقوفه بجانب إسرائيل ودعمه لها، برغم خروجها على كل معايير الإنسانية
بضربها لأسطول الحرية, لذلك يتطلب الخروج من هذه الورطة السياسية إلى براعة
أكثر دبلوماسية مما قامت به إدارته حتى الآن.
-----------------
طالع..المصدر
تعليقات