الخيارات التركية في مواجهة إسرائيل
ترجمة: حسن شعيب
لا
يُوجد في العالم بأسره شخص إلا وسمع عن الحماقة الوحشية الأخيرة التي قام
بها الكيان الصهيوني ضد أسطول وسفن الحرية الحامل للمساعدات الإنسانية
(الأدوية والمواد الغذائية ومواد البناء) إلى غزة, التي يقبع سكانها تحت
الحصار المميت منذ عام 2006. فقد هاجمت قوات الكوماندوز الإسرائيلية باكر
يوم الاثنين الماضي هذه السفن في المياه الدولية مما أسفر عن مقتل ما لا
يقل عن 10 من نشطاء السلام وإصابة الكثير من المدنيين.
وقد
تساءل أحد كتّاب مجلة فورين بوليسي الأمريكية, فور سماعه عن الفاجعة: "ما
الذي فكر فيه قادة إسرائيل؟ كيف اعتقدوا أن هجومًا مميتًا ضد مهمة إنسانية
في المياه الدولية سيصب في مصلحتهم؟ كثيرًا ما نسمع عن تذمر إسرائيل
ومؤيديها من الهجوم ضدها وضد كيانها, لكن مثل هذه الحماقات التي ترتكبها هي
السبب الحقيقي وراء موقف العالم من إسرائيل, فهذه الحماقة الإسرائيلية الأخيرة تأتي على رأس قائمة من الأخطاء الفادحة في حق البشرية ومنها
حرب 2006 في لبنان (التي قُتل فيها أكثر من ألف شخص) أو عدوان 2008-2009
التي قتل فيه نحو 1300 من سكان غزة, بينهم العديد من الأطفال الأبرياء. هذه
الإجراءات حققت ولا شك استراتيجية إسرائيلية هدفها التدهور المستمر.
مواجهة مفتوحة
أما تركيا, التي انطلقت منها هذه السفن الإنسانية المشرّفة, فقد تناولت مجلة فورين بوليسي أيضا رد فعلها بقولها: "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة"، وعلى الأرجح لم تعد تركيا تنظر إلى إسرائيل على أنها دولة صديقة كما في السابق بل سيتم التعامل معها كدولة مارقة.
لقد
صارت ملامح التغيير في التعامل واضحة بعد تصريحات أردوغان الذي وصف فيها
الهجوم بأنه "إرهاب دولة", وقال عنه أوغلو, وزير خارجية تركيا, "لقد صار
الفارق بين الدولة والإرهابيين واضحًا للغاية", بالإضافة إلى الاحتجاجات
ومظاهرات الغضب التي ملئت جوانب تركيا عقب هذا العدوان الغاشم, وهذا ما
يشهد بقوة على تغير العلاقات التركية الإسرائيلية, بعدما أضحى الجانب
التركي يرى أن إسرائيل تمثل تهديدًا حقيقيًا للسلام في المنطقة.
هذا
العدوان الأخير سيظل يُذكَر على أنه نقطة تحول في العلاقات التركية
الإسرائيلية، ما يحتم خلق عقلية أمنية فعالة جديدة في المنطقة, تتطلع تركيا
إلى تحمل بعض أعبائها, حيث أن البيت الأبيض برفضه المستمر لتحميل إسرائيل
مسئولية العدوان الأخير قد يجعل له أثرا مضاعفا، ويصب في مصلحة تركيا في
المنطقة، ويحد من الشرعية الأمريكية في الشرق الأوسط.
تحقيقات دولية
وقد دعت جريدة"كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إلى
ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل للحفاظ على عملية السلام في أعقاب هذا
الاجتياح الإسرائيلي للأسطول وقتل مدنيين, خصوصا في ظل عجز المجتمع الدولي
عن التوصل إلى تسوية بهذا الشأن وإصرار الإسرائيليين على القيام بهذه
الأعمال.
من
ناحية أخرى إذا ما رفضت إسرائيل إجراء تحقيق دولي, وهذا هو المعتاد، كما
رفضت إجراء تحقيق الأمم المتحدة في حرب غزة, إلا أن تقرير جولدستون أدان
إسرائيل واتهمها بارتكاب جرائم حرب في الحرب التي استمرت طوال ثلاثة
أسابيع, فينبغي إجراء تحقيق دولي مستقل لفضح الجرائم الإسرائيلية والمجازر
التي تقوم بها في حق البشرية حني تصبح عارية أمام العالم أجمع وإظهار وجهها
الحقيقي الذي يتشح بالوحشية والحماقة.
وفي
نهاية المطاف, ينبغي أن تكون هذه الأزمة بمثابة حافز -برغم الكثير من
الوفيات والإصابات للمدنين- لرفع الحصار عن غزة وسكانها فورا، وإنجاز
المهمة التي لم يتمكن أسطول الحرية من إنهائها.
-------------------
تعليقات