عارٌ على إسرائيل
ترجمة: حسن شعيب
في
الوقت الذي كنتُ أكتب فيه هذا المقال, مساء الاثنين الماضي, كانت هناك
الكثير من التفاصيل والملابسات لا تزال غامضة وغير معروفة بدِقَّة حول ما
حدث باكر هذا اليوم؛ عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية "أسطول الحرية"
للمساعدات الإنسانية المتوجِّه إلى قطاع غزة, كما لم تظهر ملامح الخسائر
الناجمة عن هذا العدوان الغاشِم, وما هي حصيلة القتلى من النشطاء
والمتضامنين على متن السفينة.
وعلى
الرغم من كل هذه الملابسات الغامضة والمعلومات غير الدقيقة حول الحادث,
نتيجة لتَعْتِيم وسائل الإعلام الإسرائيلية, فقد وصفت بعض الصحف البريطانية
الاعتداءَ الدموي على أسطول المساعدات بأنَّه "كارثة من نوع خاصّ", وذلك
للأسباب التالية:
(1)
الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على السفن وقع في المياه الدولية, حوالي 100
كيلو متر قبالة الساحل. وبموجب القانون الدولي, فإنَّه لا يحقُّ لأي دولة
القيام بما قامت به إسرائيل, لذلك فإن العلاقات العامة الدولية الإسرائيلية
ستجد صعوبةً بالغةً في تفسير ما دعاها لانتهاج العنف مع السفن الأجنبية في
المياه الدولية, في حين أنَّ الخيارات الأخرى كانت لا تزال متاحة لها سواء
بتحويل مسار الأسطول أو إيقافه قبل استخدام العنف.
(2) هذا
الاعتداء أكَّد بما لا يدع مجالًا للشكِّ أن الجيش الإسرائيلي حاز على
سُمْعة باعتباره قوة هائلة يقوم باستمرار بإعلان محاولته تَجنُّب سقوط
ضحايا من المدنيين, لكن على مرِّ السنين, فإن التاريخ يُثبِت عكس ذلك؛ حيث
إن القوات الإسرائيلية حققت العديد من الأخطاء الفادحة في العلاقات العامة
والدولية, تنبع عادة من سوء التخطيط والإجراءات المتسرعة أو اللامبالاة
الواضحة لحياة المدنيين, وذلك حسب ما قاله بنيامين بن اليعازر, وزير
التجارة الإسرائيلي وأحد مَن يُسمون بالمعتدلين في حكومة نتنياهو في أن
مقتل ما لا يقل عن 10 من نشطاء السلام في طريقهم إلى قطاع غزة باعتباره
أحدث "خطأً في التقدير"!.
(3)
وقد سلط العدوان أيضًا المزيد من الاهتمام على حصار إسرائيل لقطاع غزة,
والذي فُرض عام 2007 بعد سيطرة حماس على القطاع, ومنع جميع الصادرات من
غزة، وحصر الاستيراد على كمية محدودة من السلع الإنسانية, لكنّه برغم ذلك
فشل في إسقاط حكومة حماس وإن أذاق سكان غزة, الذي يصل عددهم إلى 1.5 مليون,
مزيدًا من البؤس والمعاناة, وفقًا لما ذكرته تقارير الأمم المتحدة مرارًا
وتكرارًا عن العواقب المدمِّرة والوخيمة للحصار التي وصفته بأنَّه "عقابٌ
جماعي"، بل قالت عنه مجموعة دولية أسسها "نيلسون مانديلا" والرئيس الأمريكي
السابق جيمي كارتر: إنّ "حصار سكان قطاع غزة هو أحد أعظم انتهاكات حقوق
الإنسان في العالم ", وإن "الحصار ليس فقط غير مشروع, ولكنه يأتي بنتائج
عكسية", لذا تعيَّن علينا بعد هذه الغارة الإسرائيلية على السفن, بالتركيز
على المصير المأسوي لسكان غزة بعودتها إلى دائرة الضوء السياسية
والإنسانية.
الآن, نريد أن نعرف ماذا سيحدث؟
في
الماضي, كانت إسرائيل تتمكن من التنصُّل من المسئولية عن أسوأ انتهاكات
حقوق الإنسان, بحماية من الولايات المتحدة في الأمم المتحدة وبمشاركة من
الدول الأوربية. وبرغم تصاعد المشاعر المعادية لإسرائيل وسياساتها في جميع
أنحاء العالم, فإنّ الحكومات الإسرائيلية في نهاية المطاف لا تجد دافعًا
قويًا يقنعها بتغيير تلك السياسات.
دعونا
نرجو هذه المرَّة أن يتمكَّن المجتمع الدولي من إجبار إسرائيل على
الاعتراف بأخطائها, وهذا يعني, في البداية, ضرورةَ تقديم إسرائيل الاعتذار
عن هذا العمل العسكري الوحشي الذي خرج عن نِطاق السيطرة بشكل كبير, وتعويض
أسر الضحايا, كما أكَّد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. وثانيًا:
ينبغي رفع الحصار عن غزة فورًا, وأن تُتْرك المعابر لمراقبة الاتحاد
الأوروبي وغيرهم من المراقبين الدوليين للتحقُّق والتحكم في استيراد
الأسلحة إلى القطاع.
وختامًا
نقول: عارٌ على إسرائيل لاعتدائها على هؤلاء الذين حاولوا مساعدة سكَّان
غزة (المحاصرة), وعارٌ على باقي دول العالم والمجتمع الدولي, إذا سمح
لإسرائيل أن تفلت من ذلك مرةً أخرى.
---------------
طالع..المصدر
تعليقات