المتطرفون الأوربيون


ترجمة: حسن شعيب
فرضُ الأوروبيين قيودًا على ارتداء النساء للنقاب في الأماكن العامة، يمثل انتهاكًا مماثلًا لإجبارهن على ارتدائه؛ فكلاهما, في الواقع, انتهاك لحق أساسي من حقوق الإنسان، لكني مندهش, كيف أن الغرب حوَّل ما كان يعتبره خطيئة في الماضي إلى قانون الآن؟ وكيف توصم بعض الدول الإسلامية بالتطرف والجهل والرجعية حينما تفرض غطاء الرأس على النساء داخل المنشآت العامة, بينما يعتبر أمرًا مقبولًا أن تحرم الدول الغربية المسلمات قسرًا من حقهن الإسلامي الأساسي في تغطية وجوههن وأبدانهن؟
(ينبغي أن يحصل الناس على حقوقهم في ارتداء ما يرغبون ارتداءه)، (ينبغي ألا تملي الحكومة على الناس ما يتعيَّن عليهم ارتداؤه, إنه تميُّز صارخ للغاية).
(نحن المسلمون, نشعر وكأن هذا هجوم على ديننا)
(هذا هو خياري, لقد اخترتُ ارتداء الحجاب, ولست مضطهدَة).
هذه بعض وجهات نظر نسوة وقعن ضحايا للحظر المفروض على ارتداء النقاب في الدول الأوروبية, كلهن يعشن في الدول الغربية منذ سنوات, واخترن النقاب بإرادتهم الحرة، وقد قبلن بدفع الغرامة التي فرضت عليهن، لكن رفضن إدخال النقاب في دائرة التسويات.
كل دين له قيمُه، وارتداء الحجاب في الإسلام هو أحد الالتزامات الأساسية للمرأة المسلمة.
لكن يبدو أن ما تسمى بالتقاليد العلمانية المتسامحة في أوروبا تتوجَّس خيفة من الحجاب, لذا نجد الصحف أسبوعيًّا تحمل معها عناوين جديدة للإعلان عن خطوات للحدّ من ارتدائه، ومُنِعت المرأة المنتقبة في أوروبا من الظهور في الأماكن العامة؛ مما جعل منظمات حقوق الإنسان ترفع أصواتها ضد هذه الانتهاكات, فقالت منظمة العفو الدولية إن هذا الحظر سيشكل "سابقة خطيرة", وقالت أخرى إن الحظر يُعد "انتهاكًا لحق من يرتدين النقاب في التعبير عن هويتهن ومعتقداتهن".
لقد صار من الواضح للعيان, عداء الغرب للإسلام بعد قيام دول أوروبا بحظر ارتداء النقاب, وإن كانت هذه الدول تدعي العلمانية المعتدلة في جانب, فإنها على الجانب الآخر تقوم بحظر الآخر.
في الواقع, إن قمع  ومحاربة الالتزام الديني للمرأة المسلمة في أوروبا يُوضح مدى ازدواج المعايير التي تتعامل بها الليبرالية "الغربية", فهاهو الرئيس الفرنسي، الذي أطلق على نفسه أكثر الرؤساء اعتدالًا في الآونة الأخيرة, يصرح بما يفضح انحيازه ضد الإسلام, قائلا: "لا مكان للبرقع في فرنسا".
في المقابل يؤمن المسلمون بوجوب الحجاب، وأن مثل المسلمة التي ترتديه, كمثل "اللؤلؤة داخل الصدفة"، فضلًا عن دخوله تحت مظلة الحرية الفردية، وقد أوحى الله  تعالى عز وجل إلى نبيه (صلى الله عليه وسلم) بتعليمات تتعلق باللباس الذي يجب على المرأة المسلمة ارتداؤه، في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ...".
لذلك على فرنسا وجيرانها من الدول الأوروبية أن تراجع نفسها, لأنه من المتوقع أن يُخلّف الحظر المفروض على ارتداء النقاب عواقب اقتصادية وخيمة على الدول الأوربية، ففرنسا -على سبيل المثال- تعد ثاني أكثر الدول, بعد بريطانيا, جذبًا للسائحين من منطقة الشرق الأوسط, لذلك تنتشر النساء المنتقبات على مرمى البصر في المتاجر وشوارع التسوق، لكن هذا الحظر يهدد بفقدان مئات الآلاف من هؤلاء السياح الذين سيهربون من انتهاك خصوصيتهم وحريتهم الفردية، الأمر الذي سيخلف أثرًا اقتصاديًّا سلبيًّا.
وفي النهاية يأمل جميع المسلمين ومنظمات حقوق الإنسان أن يتراجع العالم، لا سيما أوروبا، عن فرض حظر النقاب للحفاظ على الحريات الشخصية والدينية. 

------------------------
طالع ..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء