عنصرية الفكر.. إسرائيل وتشومسكي نموذجًا


ترجمة: حسن شعيب

تأبى إسرائيل إلا أن تضرب كل النماذج التي تثبت عنصريتها, حتى وإن كان تجاه أبنائها ممن يدينون باليهودية, فقد وصلت عنصرية إسرائيل المشينة مع منتقديها إلى ذروتها, بعدما منعت الحكومة مفكر أكاديمي معروف بوزن نعوم تشومسكي من الدخول إلى الضفة الغريبة, حتى تؤكد بذلك الوصف الذي أطلقه عليها تشومسكي نفسه بأنها "دولة الفصل العنصري".


بدتْ إسرائيل وكأنها "الفتوَّة المستبد" الذي يحارب سمو الفكرة بعدما قام أولو الألباب والعقول الناضجة بتوجيه الانتقاد اللاذع له, فيقوم الفتوة باعتقاله وطرده, هذا ما حدث عندما قامت إسرائيل بإيقاف الباحث الأمريكي البروفيسور الشهير نعوم تشومسكي عند جسر "اللنبي" ومنعه من الدخول إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية=, والذي يمكن وصفه ببلوغ المعاملة المثيرة للحفيظة من الحكومة الإسرائيلية مع الذين يمتلكون الجرأة لانتقاد سياساتها ذروتها.
يُعرف تشومسكي, يهودي عاش في إسرائيل لفترة وجيزة في الخمسينيات ويتكلم العبرية بطلاقة, بأنه مفكرٌ مثير للجدل وجريء, وقد فرضت أبحاثُه اللغوية احترامَه على الجميع واكتسب بسببها شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم, لذا لا يمكننا تصور عدم شعور أي دولة بالفخر بزيارة تشومسكي لها, بغضّ النظر عن إسرائيل (الفتوة) التي لديها حسابات خاصة تود تسويتها معه.
يهتم تشومسكي بالأحداث التي تجري في الشرق الأوسط ويعترض بشدة ويوجِّه الانتقادات الحادة لتصرفات إسرائيل وسياساتها في العديد من المقالات والمطالب والرسائل المفتوحة, فهو يمتازُ بالجرأة والصراحة في كتاباته السياسية وخطاباته, التي تهاجم بحدة أي حكومة يعتقد أنها تستحقُّ ذلك الانتقاد, وإن كانت إسرائيل.
ولأن تشومسكي عبَّر عن رأيه بهذه الصراحة, قابلته إسرائيل بهذا العمل الأهوج, لتوضح للعالم برمته أنها دولة العنصرية الأولى في العالم, حيث "إن منع شخص من التعبير عن رأيه وطرده هو من مميزات الأنظمة الاستبدادية، وأن الدولة التي تدعي الديمقراطية لا يمكنها منع دخول زائرين بسبب آرائهم".
وعلى غرار العديد من أعضاء الفكر اليساري في الولايات المتحدة, فقد شجب تشومسكي وأدان بشدة الاحتلال الإسرائيلي وعبَّر عن تعاطفه مع النضال الفلسطيني ضد هذا الاحتلال, وفي السنوات الأخيرة كثيرًا ما وصف تشومسكي إسرائيل بدولة الفصل العنصري, كما أنه دعا إلى تجميد بناء المستوطنات وكذلك مقاطعة جميع الهيئات التي تدعمها, سواء في إسرائيل أو في الخارج (بما في ذلك في الولايات المتحدة).
إسرائيل, وبعد هذا الحادث أعطتْ كل نموذج على عنصريتها الفكرية, ومحاربة المفكرين وكل من يُدلي برأيه فيما يعتقده, وقد رحَّب اليمينُ المتطرف بما حدث, واصفًا تشومسكي بالهارب والخائن وعدو للشعب.
أما عن تفاصيل الحادث كما أفادت مراسلة صحيفة "هآرتس", أميرة هاس, التي تصف ما حدث كما لو كان تم اقتباسه من المسرح العبثي, أو يمكن اعتباره بعضًا من السخرية السياسية, فالأسئلة التي طُرحت على تشومسكي من قِبل مفتش الحدود, بناء على أوامر من رؤسائه, لا بد من قراءتها وإعادة قراءتها مرة أخرى حتى يمكن تصديقها.
حيث أبلغ المفتش تشومسكي أن "إسرائيل".. "لا تحب ما تقوله", فهل هذه ذريعة معقول تستند عليها دولة تدّعي الديمقراطية لاعتقال شخص واستجوابه أو احتجازه حتى على الحدود؟ ومن "إسرائيل" هذه التي لا تحب ما يقوله تشومسكي؟ هل هو الشعب الإسرائيلي؟ أم أنه وزارة الداخلية؟ أم الحكومة؟
وقبل فوات الأوان, ولإصلاح بعض الضرر الذي سببته هذه الحماقة الضارة, دعا الكثيرون من المعلقين والكتّاب الإسرائيليين الحكومة, وزير الداخلية إيلي يشاي ورئيس الوزراء نتنياهو, بتقديم الاعتذار الفوري لتشومسكي والتأكد من السماح له بالتحرك بحرية في الأراضي المحتلة وجميع أنحاء الضفة الغربية, بما في ذلك جامعة بير زيت, "إن القرار يعكس حالة هستيريا في إسرائيل" حسب قول أحد المعلقين.  

---------------------
طالع..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء