مشكلة الهجرة في إسرائيل
ترجمة: حسن شعيب
آلاف العمال الأجانب يتدفقون على إسرائيل من أجل العمل.. ولكن تحوَّل هؤلاء، بشكلٍ متزايد، إلى كرة يتقاذفها السياسيون!
إنها ليلة السبت في إسرائيل، وقد احتشدت العديد من النساء الفلبينيات اللواتي يشققن طريقهن إلى أسفل شارع "نيفيه شعنان"، ممر للمشاة, حيث دور الصرافة ومحلات بيع الخمور والمخدِّرات والحانات التي يديرها الأفارقة, للتعبير على استيائهن لما يلاقينه من معاملة سيئة من اليهود والحكومة الإسرائيلية.
إنها ليلة السبت في إسرائيل، وقد احتشدت العديد من النساء الفلبينيات اللواتي يشققن طريقهن إلى أسفل شارع "نيفيه شعنان"، ممر للمشاة, حيث دور الصرافة ومحلات بيع الخمور والمخدِّرات والحانات التي يديرها الأفارقة, للتعبير على استيائهن لما يلاقينه من معاملة سيئة من اليهود والحكومة الإسرائيلية.
أعدادُ
وهويات هؤلاء العمال الأجانب غامضة، بل ومتنازَع عليها سياسيًّا إلى حد
التنافس، إلا أن معظم التقديرات الموثوق بها تقدر عددهم بحوالي 300 ألف،
غالبيتهم نزحوا لأسباب اقتصادية من الصين والهند ونيبال والفلبين وسريلانكا
وتايلاند وغيرها إلى إسرائيل عن طريق تأشيرات مؤقتة للعمل في قطاعات
الزراعة والبناء أو كرعاة للمسنِّين، ويعيش 80 بالمائة من هؤلاء العمال في
جنوب تل أبيب، محشورين في المساكن المتهدمة بالقرب من محطة الحافلات.
وبحجة
أن السكان غير اليهود يثيرون داخل إسرائيل استياءًا كبيرًا؛ اتهم وزير
المالية "يوفال شتاينتز" العمال الأجانب في نوفمبر الماضي بأنهم السبب في
ارتفاع معدلات البطالة واتساع "الفجوات الاجتماعية"، كما لقبهم "مئير
يتسحاق هليفي", رئيس بلدية إيلات، مؤخرًا أنهم يمثلون "عبئًا على الرعاية
الاجتماعية"، بل وتصفُهم وسائل الإعلام بأنهم قنبلة اجتماعية موقوتة.
واستجابةً
لهذه المخاوف، أعلن نتنياهو أن إسرائيل ستبني جدارين على طول الحدود
المصرية, واحد حول إيلات، والآخر بالقرب من غزة, أملًا -حسب زعمه- في وقف
تدفُّق "المتسللين والإرهابيين", ومن المتوقع أن يستغرق البناء عدة سنوات،
كما أصدر نتنياهو أمرًا لوزارة العدل بصياغة خطة فرض عقوبات على الشركات
التي توظف مهاجرين غير شرعيين، وزعم نتنياهو أن "هذا قرار استراتيجي لضمان
الطابع اليهودي والديمقراطي لدولة إسرائيل"، لكن هناك ما يدعو إلى التشكك,
على مدى عقدين، في تعامل إسرائيل مع هؤلاء العمال الأجانب واللاجئين حيث
تظلُّ السياسة الإسرائيلية تجاههم تمثل فشلًا ذريعًا على نطاق واسع.
وترجع
بداية توافد العمال الأجانب إلى إسرائيل إلى أواخر الثمانينيات؛ بهدف سدِّ
عجز نقص العمالة المفاجئة الناجمة عن اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى,
فقد كانت إسرائيل في أعقاب حرب عام 1967، تصدِر تصاريح العمل للفلسطينيين
في أعمال وضيعة ومنخفضة الأجر في البناء والزراعة، وبحلول عام 1987، مع
بداية الانتفاضة، كانت العمالة الفلسطينية تشكل ما يقرب من 8 بالمائة من
قوة العمالة الإسرائيلية، لذلك عانت إسرائيل من أزمة اقتصادية؛ لأن
الانتفاضة منعت الفلسطينيين من السفر جيئةً وذهابًا للعمل داخل إسرائيل،
ونتيجةً لذلك بدأت إسرائيل في استيراد العمال من الخارج, حتى شكلت العمالة
الأجنبية 12 بالمائة من العمالة الموجودة بإسرائيل بحلول عام 2000.
وفي
حواري مع "إزرائيل دروري"، أستاذ إدارة الأعمال في جامعة تل أبيب, قال:
"من المفترض أن عدد العمال الأجانب يرتفع وينخفض حسب العرض والطلب, لكن
الحكومة أثبتت أنها غير قادرة أو غير راغبة في التنظيم الفعال للعملية, حتى
تفشَّى الاستغلالُ للعمال الأجانب في سوق العمل"، وأردف قائلًا: "إنها
حقًّا وصمةُ عار, الدولة ليس لديها الكفاءة مطلقًا في ذلك " فإسرائيل تغتصب
أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة في حين أن العمال الأجانب يقيمون
داخل إسرائيل".
من
جانبِه قال يوهانيس بايو, المدير التنفيذي لمركز التنمية الإفريقية
للاجئين, منظمة غير حكومية تدافع عن حقوق طالبي اللجوء: "هذا الجدار لا
علاقة له بالعمال الأجانب, حيث أن الأشخاص الذين يعبرون الحدود مع مصر
ليسوا من العمال الأجانب".
ويعتقد
بايو أن المشكلة الرئيسية أن إسرائيل ترفض توضيح حقوق اللاجئين، برغم أنها
ملزمةٌ بذلك، بصفتها موقعةً على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 المتعلقة
بوضع اللاجئين، وقد اعترفت الحكومة رسميًّا العام الماضي بـ 180 شخصًا فقط
باعتبار أنهم لاجئون، أما الباقون فقد صاروا في طيِّ النسيان.
ويعود
دروري ليؤكد أن الحكومة الإسرائيلية تهتم بيهودية الدولة فحسب، لذلك فلن
تمنح الجنسية لعدد كبير من العمال الأجانب "مما ينذر بالخطر في حق كل من لا
يدين باليهودية سواء فلسطيني أو عامل أو حتى لاجئ".
--------------
طالع..المصدر
تعليقات