المطارات الغربية.. بالمهانة نضمن لكم السلامة
ترجمة: حسن شعيب
طالع..المصدر
عندما
يُفكِّر أحد المسلمين في السفر إلى الولايات المتحدة أو إحدى الدول
الغربية, فإن جُلَّ ما يدور بخاطره مشاعر المهانة والذلّ بسبب المعاملة
التي يتعرض لها في مطارات تلك الدول بسبب اسمه أو مظهرِه الإسلامي,
فالمسلمون يتعرَّضون لدى دخولهم إلى هذه الدول لعمليات التفتيش الذاتي
وتفتيش الحقائب، إضافة إلى اجتياز عمليات فحص متقدمة تصل للتفتيش الذاتي
للرضَّع وتحسس رءوس المحجَّبَات، وغيرها من الإجراءات الأمنية المشددة, تحت
شعار ضمان الأمن والاستقرار والسلامة.
وقد
ازدادت هذه الإجراءات الأمنية شدةً بعد المحاولة المزعومة لتفجير طائرة
ركاب أمريكية قادمة من أمستردام إلى ديترويت واعتقال عمر الفاروق عبد
المطلب, مسلم نيجيري عمره 23 عامًا بعد اتهامه بحمل قنبلة خبَّأَها في
ملابسِه الداخلية حاول تفجيرها في الأجواء الأمريكية قبل أن ينجح الركاب
وطاقم الطائرة بالتغلب عليه.
ومع
اعترافنا بفداحة مثل هذه الحوادث وإدانتنا الكاملة لها والقناعة بحق كل
دولة في اتخاذ الإجراءات التي تضمن أمن ركابها ومواطنيها واستقرارها, إلا
أن التدابير الأمريكية التي تمارسها الولايات المتحدة بحق بعض الدول بعينها
ما زالت تثير الجدل على مستوى العالم بأسرِه ومدى جدواها وتأثيرها على
حقوق الإنسان، ولا سيما انتقاء الدول العربية والإسلامية بفرض هذه
الإجراءات عليها.
والجدير بالإشارة أن الولايات المتحدة فرضت إجراءات استثنائية ومنها استخدام أجهزة مسح ضوئي لفحص أجساد المسافرين إليها كما ذكرت "وول ستريت جورنال"
واختصت بذلك بلدانٌ بعينها غالبيتها عربية وإسلامية، وهي: أفغانستان
والجزائر والعراق ولبنان وليبيا ونيجيريا وباكستان والمملكة العربية
السعودية والصومال واليمن وإيران والسودان وسوريا بالإضافة إلى كوبا.
واستمرارًا للعنصرية، والتمييز ضد المسلمين بأمريكا؛ طالب بعض نوَّاب الكونجرس الأمريكي, في مجلة "لوس أنجلس تايمز"
الأمريكية, بصفوف منفصلة للمسلمين بالمطارات, حيث طالب بيتر كنج, النائب
الجمهوري, صراحةً بممارسة تمييز ضد المسلمين في المطارات الأمريكية وتخصيص
صفوف لهم, قائلًا: "يجب علي إدارة أوباما استخدام التنميط الديني للمسلمين,
فلن تأتي عجوز إسكندنافية لضرب الولايات المتحدة", مشيرًا إلى حادث
ديترويت.
كما
دعا سياسيون وكتّاب وإعلاميون أمريكيون, مجلس النواب إلى تبنِّي سياسة
التمييز ضد المسلمين في المطارات الأمريكية بشكلٍ رسميّ، وتخصيص صفوف ونقاط
تفتيش منفصلة لمن يحمل أسماء مثل محمد وعبد الله في المطارات. وفي السياق
ذاته, نادى مايك كالجر, إعلاميٌّ أمريكي, فيها بتخصيص صفوف منفصلة في
المطارات لمن يحملون أسماء إسلامية, "ينبغي أن يكون هناك صف منفصل لتفتيش
أي شخص يحمل اسم عبد الله أو أحمد أو محمد".
وتعهَّد الرئيس الأمريكي باراك أوباما كذلك بتشديد أمن المطارات حسب ما ذكرته جريدة "واشنطن بوست"
الأمريكية مؤكدًا على التحرك بأقصى سرعة لتشديد إجراءات أمن المطارات
ووعد بتغييرات على وجه الخصوص في نظام الحكومة لقوائم مراقبة الإرهابيين،
واعترف أوباما بإخفاق الأجهزة الأمنية الأمريكية في الحيلولة دون المؤامرة
التي استهدفت تفجير طائرة ركاب، وأكد أن هذه الإخفاقات غير مقبولة، وأنه
يتحمل مسئولية تصحيحها لتفادي وقوع مثل تلك الهجمات في المستقبل.
ورغم
عدم قانونية استخدام نظام الماسح الضوئي في المطارات كونه يكشف عوراتِ
الأشخاص وأجسادَهم, فقد بدأت بعضُ دول الاتحاد الأوروبي بتشغيل منظومة
الفحص الأمني للمسافرين وأمتعتهم عبر أجهزة الكمبيوتر, حيث أعلن وزير
الداخلية البريطاني آلان جونسون أنه سيتم تجهيز مطار هيثرو بأجهزة المسح
الضوئي خلال ٣ أسابيع، مؤكدًا تعزيز الإجراءات الأمنية وتفتيش الركاب
جسديًّا وحقائبهم يدويًّا في المطارات،كما أعلنت كندا تجهيز مطاراتها بـ ٤٤
جهاز مسح ضوئي لتعزيز أمن المسافرين.
وحسب ما ذكرته "مجلة التقدم"
الأمريكية فقد تعرضت إحدى المسلمات المحجبات وتُدعى "نادية حسن" للتفتيش
الذاتي الكامل بعدما رفضت خلع حجابِها في أحد المطارات الأمريكية, وهذا ما
أثار المخاوف لدى المسلمين والمنظمات الإسلامية ضد هذه الإجراءات الأمنية
الجديدة التي تبنَّتها سلطات المطارات والموانئ الأمريكية.
ووصفت
نادية حسن ما تعرضت له في مطار دالاس بالمهانة حيث قالت: "لقد كان أمرًا
مهينًا للغاية، وكان غير مريح جدًّا"، مضيفة أنه تم إخضاع ملابسها وأمتعتها
وجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها للتفتيش بزعم التأكُّد من خلوِّها من
أية مواد متفجرة، وتساءلت منتقدة: "أنا أمريكية، ولست أجنبية، فلماذا
تعاملني بلدي بهذه الطريقة؟!".
كما
اتّهم المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، نهاد
عوض، السلطات الأمريكية بممارسة التمييز ضد المسلمين في الولايات المتحدة
بعد الواقعة التي تعرضت لها نادية، وقال: "نعتقد أن هذا هو التمييز بعينه"،
مشيرًا إلى أن سلطات أمن المطار أخبروها أن هذه الإجراءات الإضافية في
حقها "بسبب حجابها", مؤكدًا أن هذه الإجراءات "تُمثِّل سياسة جديدة من
نوعها" تجاه المحجبات في الولايات المتحدة, وتشكِّل انتهاكًا للحقوق
الدستورية، بغضّ النظر عن الذريعة السياسية لها"
وفي
تطور آخر قال نهاد عوض: إن "حالات استهداف المسلمين في المطارات الأمريكية
تتكرر وتنتشر، والشكاوى تصل لمكاتب المنظمة من إجراءات تمييزية بسب الدين
وليس بسبب السلوك وأن الحجاب الآن أصبح أحد مؤشرات ضرورة التفتيش
الاعتباطي".
ومن
الحالات التي ذكرها, مسلمة كانت تقف في صف الانتظار وجاءها أحد المسئولين
وطلب منها الخروج من الصف للتفتيش لأنها ترتدي الحجاب، وقال لها: إن الحجاب
هو أحد المؤشرات التي تخطرنا بضرورة التفتيش اللازم, وتحسسوا على رأسها
وعلى جسمها أمام الناس وهذا اختراق لخصوصية الشخص، وأخرى كانت قادمةً من
كندا أُوقفت في المطار بسبب الحجاب واستُجوبت فترةً طويلة ومُنعت من
السفر".
وحذّرت
جميع المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة من ممارسة تمييز عرقي أو
ديني بحق المسافرين, وقال إبراهيم هوبر، مسئول الاتصالات بمنظمة "كير", حسب
وكالة "نيوز اوك
": "رغم تأييد الجميع لوجود إجراءات أمنية قوية على الرحلات الجوية، لكن
التمييز العنصري والديني هو في حقيقة الأمر له تأثيرٌ عكسي، ويمكن أن يؤديَ
إلى مناخ من الخوف وعدم الأمن"، كما قدمت كوبا كذلك مذكرة احتجاج على
وضعها على اللائحة السوداء للمسافرين للولايات المتحدة، ووصفت الإجراءات
بأنها عدائيَّة وذريعة سياسية لتبرير استمرار الحظر التجاري المفروض عليها
منذ ٤٧ عامًا.
وبذلك
فإن الغرب يرفع شعارَ حتى نضمن وصولكم في أمن وسلام فينبغي على المسلمين
تحمّل بعض الإجراءات التي تُشعِر, أقل ما توصف به, بالمهانة والإساءة
للمسلمين والعرب والمسافرين, ولكن مع تجاوزنا أيضًا لمثل هذه الإجراءات
المهينة وعدم ضمان السلامة فما هي التدابير الجديدة التي سيتم إخضاعنا نحن
المسلمين لها في المستقبل؟!
----------------------
تعليقات