أوباما والعالم الإسلامي.. عامٌ مضى
ترجمة: حسن شعيب
بعد
مرور قرابة العام على انتخاب أوباما, بدأ العالم الإسلامي يفقد الأمل في
التغيير الذي وعد به الرئيس الجديد في حملته الانتخابية، ثم في خطاب
القاهرة قبل 6 أشهر.....
بعد
ستة شهور من خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في القاهرة، والذي قوبل
بالترحيب على نطاق واسع، بدأ شباب الشرق الأوسط, لا سيما العالم الإسلامي,
ينفد صبره تجاه الإدارة الأمريكية، هذه بداية سيئة، لا سيما وأن اثنين من
كل ثلاثة أشخاص في الشرق الأوسط، من مراكش إلى طهران، لا يتجاوز عمره
الثلاثين عامًا, يكمن في أيديهم مستقبل علاقات الولايات المتحدة مع العالم
الإسلامي إلى درجة كبيرة جدًّا.
في
الشهر الماضي، قمتُ بالسفر إلى لبنان والأردن ومصر للتحدث مع بعض قادة
الشبان المدنيين في المنطقة عن سياسات الولايات المتحدة وتوصياتهم للإدارة
الأمريكية.
وقد
أدركتُ جيدًا مدى أهمية آرائهم؛ حيث طغت على آمال الشباب مشاعر الإحباط،
سواء لعدم القدرة على الحصول على وظيفة أو الشعور العميق بأنهم يعيشون في
عالم من القمع والظلم، وقد سمعتهم يقولون: (في الوقت الذي استُقبِل فيه
انتخاب الرئيس أوباما ثم خطابه في القاهرة بشكل مدهِش للغاية، فإن الإدارة
الأمريكية لم تُتْبِع هذا الخطاب بإجراءات عملية، مما أدى إلى تزايد خيبة
الأمل).
وفي
جميع أنحاء الشرق الأوسط، أثار أوباما ردودًا إيجابية ومدهشة للغاية في
استطلاعات الرأي العام في بداية ولايته، وخاصة شباب الشرق الأوسط, حيث رأوا
الأمل في التغيير في كلماته وشخصيتِه.
ولكن
خيبة الأمل بدأت تتملك الجميع مع عدم قدرة الرئيس على كبح جماح المستوطنات
الإسرائيلية في الأشهر التي تلت خطاب القاهرة، والأكثر من ذلك أن رسالته
في القاهرة كانت تستهدف شعوب المنطقة بقوة وليس فقط حكوماتها، حيث أثار
أوباما النقاط الأربعة الرئيسية لقضايا "كرامة الإنسان": ألا وهي
الديمقراطية والحرية الدينية وحقوق المرأة والتنمية، ومنذ ذلك الحين، ولم
تفعل الإدارة الأمريكية شيئًا تقريبًا لدعم تلك الكلمات، وهذه حقيقة لم
يغفلْها أحد.
وحتى
نكون منصفين، فإن الولايات المتحدة تواجه معركةً صعبة للغاية, حيث تفاقم
وضع واشنطن بعد أن تراجعت عن تقديم الدعم الدبلوماسي لإرساء الديمقراطية في
المنطقة في منتصف عام 2006 بعد فوز حركة حماس في انتخابات الأراضي
الفلسطينية، بعد ثلاث سنوات، وجدت واشنطن نفسها مع شركاء أقل في المجتمع
المدني.
للأسف،
وبدلًا من الوقوف في وجه مثل هذه النظم الاستبدادية في الشرق الأوسط في
محاولة لوقف المد والجزر، يبدو أن أوباما رضخ للضغوط، فمن الممكن أن يكون
القادة الأقوياء مثل الرئيس مبارك والرئيس الإيراني نجاد، نظرا لأهمية
كلاهما بالنسبة لأهداف الولايات المتحدة الدبلوماسية في المنطقة، قد مارسوا
الضغط على البيت الأبيض لخفض دعمها لحركات المجتمع المدني في بلدانهم.
وقد
امتثلت الإدارة, حيث طلبت في ميزانية السنة المالية 2010، التي مررها
الكونجرس يوم 13 ديسمبر، إجراء تخفيضات كبيرة في مساعدات الديمقراطية
والحكم التي تقدّم للحركات المدنية التي تسعى للتغيير في كلا البلدين.
وفي
مصر، يبدو أن الإدارة الأمريكية وافقت على تمويل برامج المساعدات للحركات
التي تعترف بها الحكومة المصرية رسميًّا فقط، وتأتي هذه التحركات في تناقضٍ
صارخ مع خطاب القاهرة، والذي قرن فيه أوباما قلقَه من أجل كرامة الإنسان
برفض فكرة تعزيز الديمقراطية عن طريق القوة، للأسف لم تحرِّك الإدارة
الأمريكية ساكنًا غير الكلام فحسب, وهذا ما لا يُغني ولا يسمن من جوع.
وبالنظر
في خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في الشهر الماضي في
القمة الإقليمية بالمغرب, والذي أوضحت فيه كلينتون لجمهورِها برغم أن القصد
من خطاب القاهرة هو إطلاق بداية جديدة شاملة بين الولايات المتحدة
والمجتمعات الإسلامية, فقد قرَّرت الإدارة، بعد تفكيرٍ عميق، أنها ستركِّز
على ثلاثة مجالات فقط من التنمية: إدارة المشاريع والعلوم والتكنولوجيا،
والتعليم, وأن الديمقراطية والحرية الدينية، وحقوق المرأة لم تكن جزءًا في
خطاب القاهرة تجب متابعته.
ومن
خلال التركيز على إدارة المشاريع والعلوم والتكنولوجيا والتعليم فقد وجدت
الإدارة الأمريكية المبادرات العربية التي حصلت منها على دعم حكومي.
وهذا
ما أوضحه شباب المنطقة سريعًا؛ حيث قالوا: إن الأهداف السهلة ليست
بالضرورة هي الهامة منها، بينما سلطت كلينتون الضوء بشكلٍ صحيح على خلق فرص
العمل كقضية رئيسية في الشرق الأوسط -وخاصةً فرص عمل للشباب العاطلين عن
العمل– فقد تجنبت في الوقت ذاته الأسباب الجذرية للمشاكل التي تعوقُ
الأعمال التجارية، مثل الانحلال السياسي والفساد، وسوف تحتاج الولايات
المتحدة إلى القيام بالكثير إذا كانت تأمل في إثبات وجود التزام صادق
لتشجيع التنمية واسعة النطاق الذي يؤثر فعليًّا على حياة الناس.
ولا
تزال حواراتي مع الشباب الناشطين في المنطقة تعطيني الأمل في أن إدارة
أوباما لديها فرصة فريدة لتغيير تصورات أوساط الشباب للولايات المتحدة في
الشرق الأوسط. وهذا يتطلب مبادرات جديدة تفعل الأهداف التي أثارها الرئيس
في خطاب القاهرة، بما في ذلك الديمقراطية والحرية الدينية وحقوق المرأة،
والتنمية. بالإضافة إلى بذل جهود متواصلة للإنصات والاستجابة لشعوب المنطقة
وليس لحكوماتهم فحسب.
-----------------
طالع..المصدر
تعليقات