الصومال.. لمحة من الخطوط الأمامية
ترجمة: حسن شعيب
توارينا
داخل حفرة في الجدار, الذي يسور هذه المدينة البعيدة عن الواجهة البحرية،
نسير وراء مسلحين في سن المراهقة ، وبرغم أكتافهم النحيلة فهم يحملون عليها
كمًّا هائلاً من الأسلحة.
نزحف
على شباك صيد قديمة لم تلامس المياه المالحة لعدة سنوات, وفي كل مكان
حولنا لا نرى سوى أطلال وخراب.. مبانٍ مهدمة ، وزوارق محطمة ، والشوارع
أصبحت مطحونة بشكل دقيق، وكأنها أنقاض رمادية مائلة للزرقة. وقد اعتاد
الصوماليون في هذا الجزء من مقديشو (عاصمة الصومال) أن يكون نزهة جميلة على
البحر، جوهرة في تاج الاستعمار الإيطالي، والمكان الذي يحدق فيه السياح
على المحيط الهندي ، حيث يقوم الصيادون الصوماليون بتسويق جراد البحر وسمك
التونة على زوارق المارلن. أما الآن، فقد أضحت مقديشو على خط الجبهة
الأمامي.
صاح جندي صومالي: "انظر هناك"، وفمه ممتلئ بالأسنان العفنة، "إنه أحد أفراد حركة شباب المجاهدين ميت".
قمت
بإلقاء نظرة خاطفة من وراء كومة من الرمل, ومن المؤكد لقد كانت هناك جثة
هامدة على بعد 50 قدمًا، ملقى بوجهه في الشوارع, ولابد أن يكون قد قتل قبل
عدة أسابيع لأن جسده كان قد تعفن وتحلل، وأصبحت جمجمته بيضاء.
هذه
هي الحرب الجديدة في الصومال. فالحكومة الانتقالية الضعيفة، والمدعومة من
قبل الولايات المتحدة، تحاول صد المتمردين المسلحين الإسلاميين المتصلين
بتنظيم القاعدة. وشباب المجاهدين هي المجموعة القائدة للتمرد. ومعظم
الصوماليين لا يحبونهم لأنهم يمثلون النموذج المتشدد للإسلام ، مما يتعارض
مع التقاليد الصومالية الأكثر اعتدالاً.
ويبدو
أن الشباب لا يهتمون بذلك, فمع تصاعد هذه الحرب على نحو متزايد فقد خرج
الصراع بعيدًا عن السيطرة الصومالية, بل وأصبحت من الشئون الدولية، وبقيادة
الولايات المتحدة العازمة على التعامل مع جماعة الشباب الذين يقاتلون
لتحويل الصومال إلى مقر للجهاد العالمي ضد الغرب، ومنعهم من السيطرة على
الصومال.
ومؤخرًا,
قامت إدارة أوباما بإرسال شحنة 40 طنًا من الأسلحة إلى الحكومة الصومالية
لتسعير المعارك هناك، وأغارت القوات الخاصة الأمريكية في وضح النهار بواسطة
الطائرات الهليكوبتر في الصومال وقامت باغتيال أحد كبار ناشطي القاعدة.
وبالفعل
ظلت الصومال في حالة من الفوضى للعديد من السنوات, فمنذ عام 1991 عندما
انهارت الحكومة المركزية وتولى زعماء العشائر زمام الأمور، عُرف هذا الشريط
الساحلي الساخن, رغم عدد سكانه الضئيل, بكونه واحدًا من أكثر الأماكن
خطورة في العالم.
وبالطبع
فإن إراقة الدماء تزداد سوءًا في الصومال بمجرد أن تصبح ساحة القتال في
الحرب بالإنابة بين الغرب والمسلحين الإسلاميين. وهذه الجثث المنتشرة
والملقاة في الشوارع خير دليل على ذلك هنا. ووفقًا لما قاله جنود الخط
الأمامي، فقد كان جثمان القتيل الذي رأيناه وينتمي لحركة الشباب من مقاتلي
إريتريا، وهذا البلد الصغير الإفريقي والمثير تحوطه الشبهات على نطاق واسع
بقيامه بإمداد المسلحين في الصومال بالأسلحة.
والحرب
هنا تتحول أيضًا، من المواد السائلة، ومعارك الشوارع البرية إلى قتال ثابت
أكثر. فتجد حصونًا رمالية ومدافع الهاون وحتى المدفعية الثقيلة، وهذا كله
جزء المعارك الآن، جنبًا إلى جنب مع التفجيرات القتالية وغيرها من حيل
تنظيم القاعدة في القتال.
ويعرف
الشباب بالمقاتلين الشرسين ، ومن الصعب هزيمتهم، فقد تلقوا تدريبهم على يد
مقاتلين من أفغانستان وباكستان. ولقد اعترف الجنرال محمد الشيخ، رئيس
أجهزة استخبارات الحكومة الوليدة "عشرة من رجالهم يمكنهم هزيمة 100 فرد
منا".
ولكنها
ربما قد يكون لديها انخفاض في السيولة, حيث إنه في اليوم الذي زرت فيه خط
الجبهة الأمامي، أمطرت جنود القوات الحكومية الشباب بوابل من الرشاشات
الثقيلة ولم ترد الشباب إلا ببندقية هجومية واحدة, أطلقت النيران باعتدال،
على طريقة واحدة مقابل واحدة.
--------------
طالع ...المصدر
تعليقات