برنامج التجسس البريطاني.. فقدان للثقة
ترجمة: حسن شعيب
تحت
ستار "التصدي للتطرف الإسلامي"، قامت الحكومة البريطانية مؤخرًا بإنشاء
أحد أكثر البرامج إحكامًا للتجسس على المسلمين. وكما كشفت جريدة "ذا
جارديان" البريطانية مؤخرًا فإنَّ البرنامج البريطاني المعروف باسم "منع
التطرف والعنف"، يتم استخدامه لجمع معلومات استخباراتية عن المسلمين
الأبرياء الذين لا يُشتبه بضلوعهم في أعمال إرهابية.
وقد
قمتُ بالبحث في البرنامج بنفسي على مدى الأشهر الستة الماضية، واكتشفتُ
أنَّ مجموعة من الهيئات, مثل المدارس والكليات والمصالح الشبابية
والمجتمعية الخدمية, في المناطق التي تضم أعدادًا كبيرة من المسلمين يُتوقع
أن يقوموا بجمع معلومات استخباراتية عن الشباب المسلمين الذين يعملون
لديهم. فعلى سبيل المثال, يتعرض الشباب الذين يعملون في هذه الهيئات لضغوط
بإرغامهم على تزويد وحدات مكافحة الإرهاب بالمعلومات المفصلة عن هؤلاء
الذين تتسم آرائهم الدينية والسياسية بالتطرف حسب زعمهم, وهو ما يُعد مصطلح
غامض من الممكن أن يشمل التمسك بالمعتقدات الدينية الخاصة أو الغضب من
سياسة بريطانيا الخارجية.
وقد
وضع العاملون المسلمون في المؤسسات الشبابية ـ الذين لم يكن لديهم
الاستعداد أو الرغبة في إقحام أنفسهم في مثل هذا النوع من التجسس على
زملائهم ونقل المعلومات إلى الحكومة بسبب مخاوفهم الشرعية حول السرية
المهنية بهذا الصدد ـ أنفسهم في دائرة الشبهة أو على الأقل فقد أصبحوا
هدفًا لحملة التشويه والتشهير.
من
جانبها وصفت الحكومة برنامج المراقبة والتجسس بأنَّه أسلوب لإدارة
المجتمع، نافية احتواءه على عنصر الترصد والتجسس، وهو ما يتعارض مع ما قاله
مستشارها "إد حسين" من "مؤسسة كويليام"، أن جمع المعلومات الاستخباراتية
هو جزء من برنامج التجسس "منع التطرف والعنف". كما يُعتقد أنه حق أخلاقي
ينبغي على المتخصصين مثل المدرسين تنبيه السلطات إلى أولئك الذين يحملون
وجهات نظر تعتبر متطرفة. في الواقع، فإنه ومن خلال برنامج التوعية عن
التشدد، تتلقى المؤسسة قدر كبير من الأموال العامة لتقديم المشورة للسلطات
المحلية حول إمكانية تحديد وجهات النظر المتشددة بين المسلمين من قبل
العاملين في مجال الخدمة العامة.
وبطبيعة
الحال، فإنه من الملائم أن تقوم قوات الشرطة والمخابرات بوضع عدد من
الأفراد المسلمين تحت المراقبة والتجسس. ومن الصحيح أيضًا ضرورة إتاحة
مسارات للعاملين الشبان والمدرسين لتقديم معلومات إلى الشرطة إذا ما كانت
هناك أسباب تقتضي ذلك بالاشتباه بتورط أحدهم في جريمة ما.
لذلك
فالقضية أن المهنيين ينبغي عليهم تقديم خدمات للشرطة المحلية بشكل روتيني
لكل المشتبه بهم ليس فقط الأفراد الذين قد يكونون عرضة للقيام بجرائم
جنائية، ولكن أيضًا هؤلاء الذين لهم آراء من المحتمل أن تكون متطرفة على حد
قولهم. ليس فقط هي الفروق المهنية بين المعلم أو عامل الشباب وضابط شرطة
يحدث الخلط، ولكن أن الشرطة نفسها اتسعت لتشمل مراقبة الرأي المتشدد.
ومن
المتوقع أن قيام المدرسين والعاملين في مجال الشباب بتحديد هوية المتطرفين
والمتشددين بهذه الطريقة شأنه أن يؤدي إلى إضعاف الثقة بين المسلمين
ومقدمي الخدمات العامة. والثقة هي عامل أساسي في مكافحة الإرهاب. والشباب
بحاجة إلى أنَّ يكونوا قادرين على التحدث بصراحة مع المدرسين والعاملين في
مجال الشباب حول القضايا التي يشعرون بها. إذا لم تعد المدارس ونوادي
الشباب من الممكن الاعتماد عليها في توفير مكان لمثل هذه المناقشات, وإلى
أن يتم ذلك الحين فأين سيذهب الشباب؟ ومن المحتمل احتمال أن تتحول إلى
الموصفون بالتشدد وهذا لن يؤدي إلا إلى زيادة العنف.
في
نهاية المطاف، فإن البديل الحقيقي للإرهاب ليس الترويج الرسمي للقيم
البريطانية المسموح بها من قبل الدولة ولكن وجود عملية ديمقراطية قادرة على
الاستماع إلى وجهات النظر الأخرى, وللأسف, فإن ما يقوم به برنامج التجسس
"منع العنف والتطرف" عكس ذلك تمامًا.
-----------------------
طالع ..المصدر
تعليقات