المدارس الإسلامية في إندونيسيا
ترجمة: حسن شعيب
بعد
وفاة زوجها قبل عامين، توقع معظم الناس في قرية "بابكان سويرجين" الجاوية
أن تتزوج السيدة نياي يو إمفا مرة أخرى، كما اعتقدوا أن مدارس (بيسنتران)
المحلية، أو المدرسة التقليدية الإسلامية في إندونيسيا سيتمُّ إغلاقها مع
وفاة زوجها، الذي كان يديرها، لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، فقد قررت إمفا,
تخطيًا لكل التقاليد، إدارة المدرسة، وقالت: "إذا كان الرجال يستطيعون فعل
ذلك، فلمَ لا أستطيع؟" ثم قالت متضرعة إلى الله: "إذا كان الله، هو مصدر كل
سلطان، فلم البحث عن شخص آخر لإدارة المدرسة؟ فاللهم أعطني القوة لذلك،
وأنا أعلم أنني أستطيع". مشيرةً إلى أن ميجاواتي سوكارنو بوتري، رئيسة
إندونيسيا السابقة, سيدة، وهي تريد الانضمام إلى صفوف سيدات كأمثال بينظير
بوتو، وإليزابيث وغيرهن.
أخذت
السيدة إمفا, متشحة بغطاء رأسها الأسود, تخطو خطوات واسعة في أنحاء الحرم
الجامعي في "بيسنتران كيبون جامبو", والتي تستمد اسمها من بساتين الجوافة
الواقعة أمام المدرسة والمسجد الأبيض والغرف المكسوة بالطين.
وُلِدت إمفا في قرية لأسرة تقدِّر المعرفة والمعلومات، وقالت: إنها تعلَّمت لغتها العربية ودراسة القرآن والتقاليد الإسلامية في مدرسة والدها الإسلامية.
وُلِدت إمفا في قرية لأسرة تقدِّر المعرفة والمعلومات، وقالت: إنها تعلَّمت لغتها العربية ودراسة القرآن والتقاليد الإسلامية في مدرسة والدها الإسلامية.
وابتسمت
قائلة, وهي تسكب كوبًا من الشاي في منزلها في الحرم الجامعي: "لقد تمنَّى
جدي ووالدي أن أصبح عالمةً مبجلة، لكن ومنذ وفاة زوجي، تنبأ الناس أن أصبح
نجمًا في المجتمع". وتقول إنها حتى تستطيع معالجة الاتحاد الطلابي من القلق
الذي اجتاحه؛ وذكرت أنها عندما تولت الأمر، خاطبت ما يزيد عن 700 من
التلاميذ قائلة: "ينبغي عليكم ألا تخافوا لأن زوجي المعلم قد وافته المنية،
فلا يزال لديكم أعظم شيءٍ في هذا العالم؛ إنه الله, فهو معنا، وسوف
يرشدُنا بنورِه".
وقد
أثارت التفجيرات التي وقعت في يوليو الماضي في فنادق الخمس نجوم بجاكرتا
وكذلك تفجيرات بالي عام 2002 المخاوف بين خبراء مكافحة الإرهاب وقالوا: إن
مدارس بيسنتران الإندونيسية والتي يبلغ عددها 12000 مدرسة كانت مرتعًا
خصبًا للتعصب والتطرف، وعلى الرغم من أن منفذي التفجيرات والمتطرفين كان قد
تَمَّ العثور على أنهم تلقَّوْا تعاليمهم في عدد قليل من المدارس سيئة
السمعة، فإن العديد من المدارس الأخرى تعتبر محضنًا تربويًا للاتجاه الأكثر
اعتدالًا في أكثر الدول الإسلامية سكانًا في العالم، والتي تقوم بتطوير
المفاهيم الإسلامية لحقوق النساء في القرآن والتقاليد الإسلامية. ويقوم
أكبر حزبين سياسيين إسلاميين في إندونيسيا؛ "نهضة الأمة" و"المحمدية",
بحملات قوية لتعزيز حقوق المرأة، وقد عمل نشطاء حركة المساواة الإندونيسية،
من الذكور والإناث على حدٍّ سواء، مع مدارس بيسنتران التقدمية لتطوير دور
المرأة طبقًا لمفاهيم الشريعة الصحيحة والتي رسخت عند العالم بأسرِه أن
العالم الإسلامي يعيش في العصور الوسطى.
وقد
وجدتِ الحركة التي تطالب بمساواة الرجل بالمرأة تربةً خصبة في إندونيسيا،
حيث إن التقاليد الإسلامية المتشددة مخلخَلة نسبيًّا، مع توافر تقاليد
الثقافة الزراعية وعمل الرجال والنساء معًا في الحقول، وفي المقابل، فهي
كذلك معزولة عن العادات والأعراف العربية القبلية العصبية، ولكن هذه
الأفكار كانت تواجه مقاومة؛ حيث هناك زيادة قوية من سلطة الرجل في
إندونيسيا، بالإضافة إلى وجود اتجاهٍ نحو مزيد من التطرُّف في الآونة
الأخيرة، لذلك ينبغي على النشطاء في حركة المساواة أن يكونوا حريصين في
انتقاء المعلمين الذين سيقومون بالتدريس وينشرون تعاليمهم، وتقول لي ناتسي
ماركوس، ناشطة في حركة المساواة ومقرها جاكرتا: إن الكثير من أعمالها تعتمد
على حماية الثقافة الإسلامية الأصلية الإندونيسية من انتشار التشدُّد،
وأضافت: "إن الشيء الجيد هو أن علماء الدين في إندونيسيا قلقون أيضًا من
التشدُّد، لذلك سنتمكن من العمل جنبًا إلى جنب معهم، وتقول ماركوس أنها ترى
أن العلماء هم الأسهل للوصول إلى العديد من سكان الحضر، حيث وجود العلماء
ذوي الخبرة في تنوع مفاهيم الشريعة الإسلامية، التي تميلُ للاعتدال بدلًا
من الشدة والصرامة.
وقد
قامت ناتسير ماركوس, بالتعاون مع أبرز رجل دين في المطالبة بالمساواة،
المدرس حسين محمد، بوضع دورة لتعليم المساواة بين الجنسين في الإسلام، وفي
صباح يوم صيفي حار في مدينة سيريبون, في الساحل الشمالي لجزيرة جاوة
الإندونيسية، وقامت ماركوس بتدريس ورشة عمل حول الصحة الإنجابية, حيث رسمت
قناة فالوب، وقامت بتحليل الآيات القرآنية في الحقوق الإنجابية.
وكانت
انطباعات الطلاب من الشباب والفتيات مختلفة، الإيماءات بالموافقة والغضب
الشديد وكذلك بعض القهقهة والضحك، وبعد ذلك كان هناك مجموعةٌ من الفتيات،
أغلبهن من المتخصصات في الدراسات الجنسية في الكلية الإسلامية المحلية,
بالتقاط الصور الفوتوغرافية لنشرها على مدوناتهم النسائية.
وقد قوبلت بالمزيد من حركات التَّمرُّد ضدّها في جميع أنحاء إندونيسيا، في المساجد والمدونات.
--------------------
طالع..المصدر
تعليقات