رحلتي من الوهم إلى الحقيقة
ترجمة: حسن شعيب
في الغالب لا أفعل ذلك, ولا أستغرق وقتا طويلا كي أخبر أحدا كيف اعتنقت الإسلام، أو كيف عدت إليه. ودائما ما يطرح الكثيرون علي هذه الأسئلة مرارا وتكرارا عند معرفتهم أني قد أصبحت مسلما. أسئلة من قبيل, ماذا كان رد فعل والداك؟ هل وقعتَ في حب سيدة مسلمة؟ هل تم قبولك باعتبارك مسلما داخل المجتمع المسلم؟. والأهم من ذلك كله: لماذا اعتنقت الإسلام؟
------------------------
طالع..المصدر
وكان
أكثر ما يصدمني أن يسألني المسلمون لماذا اعتنقت الإسلام، وكان ردِّي
المعتاد "حسنًا، إنه الدين الوحيد الصحيح". أنا حتى لا أعرف بالضبط متى
أصبحت مسلمًا، وما يثير دهشة الكثير، أنني لم أكن حتى أبحث عن الله، ولم
أكن أبحث عن السبب في الحياة، ولم أكن أبحث عن غاية الخلق.
في
الواقع، تبدأ قصتي عندما كنت أبحث عن كتاب في محل لبيع الكتب ولا أعرف ما
أودُّ شراءَه، وقد كان هذا في عام 2003 أو 2004، أحبُّ القراءة، وأنا شغوف
بكتب "التاريخ الحديث" و"الفلسفة" و"علم الاجتماع". وأثناء بحثي لفتَ نظري
كتابٌ أخضر يحمل عنوان "الإسلام والقِيم والمبادئ والواقعية". أمسكتُ به
ونظرتُ إليه، وأدركت أنني أعرف عددًا قليلًا من المسلمين، لكن ليس لديَّ
فكرة عما يؤمنون به، وفي الوقت ذاته، يبدو أن الإسلام في كلِّ الأخبار له
تأثير في الشئون الداخلية والخارجية على حدٍّ سواء، وقررتُ شراءَ الكتاب
حتى أرى ما هذا الدين على كلِّ حالٍ.
وقبل
أن أبدأَ في القراءة عن الإسلام، كان لديَّ بعض المصادفات السلبية عن هذا
الدين في داخلي، على سبيل المثال، كنت أتساءل كيف يمكن لمسلم أن يمارس
عبادته في أي وقت معتقدًا أنه شخص ورعٌ وتقيٌّ، بينما يقوم في الوقت نفسه
باضطهاد زوجته؟ وأتساءل كذلك لماذا يقوم المسلمون بعبادة حجر مكعب بمكة
المكرمة في حين أن التماثيل لا تملك نفعًا لأحد؟ ولم أستطع كذلك أن أفهم
لماذا يتعصب المسلمون ضد الأديان الأخرى، بدلا من قول أن الجميع يؤمنون
بالإله ذاته، لقد بدأت القراءة مع وضع هذا في الاعتبار.
قرأتُ
الكتاب الأول والثاني والثالث، وهكذا، وبعد بضع سنوات، كنت قد قرأت بعض
الكتب عن الإسلام وكنت مندهشًا للغاية، لقد اكتشفت أن كل شيء تقريبًا
اعتقدت أنه جزء من الإسلام الذي كنتُ أعارضُه، فإن الاسلام كان يعارضها في
الواقع.
لقد
اتضح لي أن النبي محمد (صلَّى الله عليه وسلَّم) قد قال: إن المرءَ يمكن
أن يعرف مدى تقواهُ وايمانِه من خلال الطريقة التي يعامل بها زوجته، ولقد
اكتشفت أن المسلمين لا يعبدون الكعبة، بل إنهم يحرمون عبادة الأوثان أو ما
يشابهها، لقد وجدتُ أن الحضارة الإسلامية في كلِّ تاريخها, ربما باستثناء
العصور الأخيرة, هي أفضل مثالٍ على التسامح الدينيِّ على وجهِ الأرض.
ولم
تكن لديَّ قناعة بمعظم الأشياء التي يأمر الإسلام بالقيام بها أو كيفية
التعامل معها، حتى اكتشفتُ أن الكثير من القواعد الأساسية في الإسلام تتفق
مع ما أعتقده، وعندما جاء شهر رمضان قرَّرت أن أقوم بتجربة الصوم, فلا يمكن
لأي كتاب أن يقول لك كيف تشعر حقًّا, فذهبت إلى زملائي المسلمين في العمل
وقلت لهم إنني سأصوم معهم، واشتريتُ نسخةً من القرآن وأنشأت جدولًا لـ30
يومًا من الصوم، لقد تعلمت الكثير من شهر رمضان المبارك، وكذلك الآخرون.
بعدها،
ذهبت إلى المسجد لأدفع الزكاة، وهو إعطاءُ المال لسببٍ وجيه, لذلك فلم يكن
كوني مسلمًا هو السبب لأداء الزكاة فحسب، هذا هو المكان الذي التقيت فيه
للمرة الأولى مع أمين صندوق المسجد في مسقط رأسي، وقد سألني إذا كنت
مسلمًا, فأجبت: "لا يا سيدي لست مسلمًا, لكنني صمتُ شهر رمضان". فقال لي:
هذا شيء بسيط وأن آخذ وقتي، ولا أتسرع في الأمور.
ومرَّت
الشهور، وظللت أقرأُ عن الإسلام، وكانت معظم الكتب التي قرأتها من غير
المسلمين، مثل كارين أرمسترونج، وقد استغرقت بعض الوقت لقراءة ما قاله
البعض من الأمور السلبية تجاه الإسلام، وأنا أقرأ عن الإرهاب ذي الدوافع
الدينية، وعن الصراعات بين الحضارات وهكذا.
ومع
ذلك، فقد وجدتُ أن الإسلام فيه إجابة مقنعة لكل سؤال يُثَار، وهذا ما قمتُ
بجمعِهِ من المعلومات عن الإسلام من الكتب، وفي نهاية شهر رمضان التالي،
عدتُ إلى المسجد لأدفع الزكاة، والتقيتُ أمين الصندوق مرةً أخرى، وقام
بالتعرُّف عليَّ وسألني مرة أخرى إذا كنت مسلمًا، فقلت له: "لا يا سيدي لست
مسلمًا ولكنك قلت لي أن أعتبر هذا شيئًا بسيطًا, أليس كذلك؟ فهزَّ رأسه
بهدوء وقال : "نعم، ولكنه ليس بسيطًا للغاية".
وفي
عامي الأخير الذي كنتُ فيه غير مسلم، توقفت عن شرب الكحوليات، وتدخين
السجائر، حاولت تحفيز نفسي والآخرين لفعل الخير، والمحاولة لمنع نفسي
والآخرين عن فعل الخطأ، وذهبت إلى تركيا لقضاء عطلة وقمت بإلقاء نظرةٍ داخل
بعض المساجد الكبيرة، مع كل خطوة أخطوها، ومع مرور كل يوم، كنتُ أشعر
بوجود الله في حياتي ينمو، لقد ذهبت إلى الطبيعة للمرة الأولى وكان كل ما
هو أمامي يشير إلى وجود الخالق.
حاولت
أن أصليَ أحيانًا -وهو شيء لم يسبق لي القيام به- وظللت أقرأ وأقرأ، وقد
بدأتُ الآن في الحصول على معلومات عن الإسلام عبر الإنترنت.
وقد
قابلت إحدي الهولنديات التي أسلمت عبر الموقع الاجتماعي الهولندي هيفس على
الإنترنت، وسألتني عما إذا كنت مسلمًا فقلت لها أنني لست مسلمًا بعد،
فطلبت مني المجيء إلى منزلها وتلبية دعوة زوجِها وهو مسلم المولد،
والممارسة وقد وُلد في مصر، وبعدما تناولنا العشاء معًا تحدثنا بقية المساء
عن الإسلام، وبيَّن لي في المرة الثانية الطريقة الصحيحة للصلاة (بناءً
على طلبي).
وقد
حاولت أن أفعل ذلك بقدر ما أستطيع وكان يشاهدني، وعندما أخذنا استراحةً
قصيرة، سألني هذا السؤال: هل تظنُّ أنك مستعدٌّ للقيام بذلك؟ فقلتُ: نعم
أنا مستعدٌّ لذلك، أدركت أني أصبحت مسلمًا ولكني لم أنطق الشهادتين بعد،
وأصبحت أؤمن بأن ليس هناك مَن يستحق العبادة سوى الله، الخالق, وأن محمدًا
(صلَّى الله عليه وسلَّم) رسول الله، وخاتم الرسل، وكان الإسلام هو الجواب
على كل سؤال.
وبعد
أسبوع أو أسبوعين ذهبت أنا وإياه إلى المسجد في بلدته، ثم ردَّد الإمام
الشهادتين شيئًا فشيئًا، وكرَّرْت وراءَهُ شيئًا فشيئًا، وبمجرد أن تلَى
الإمام الدعاء وقام أخي المصري بترجمته إلى الهولندية لي، شعرتُ وكأنني
جريت لأميال وأميال، والآن وصلت إلى خط النهاية وشعرت بالهدوء والسعادة.
وعندما
ذهبت إلى المسجد في مسقط رأسي ودخلت المبنَى، والتقيت أمين الصندوق, سألني
مرة أخرى إذا كنت مسلمًا، فقلت بابتسامة: نعم يا سيدي, فقال الحمد لله.
طالع..المصدر
تعليقات