رحلة إسلامي.. من الكراهية إلى الحب
ترجمة: حسن شعيب
وُلِدتُ في أثينا لأبوين يونانيين يَدينان بالأرثوذكسية، وعاشت عائلة والدي معظم حياتها في إسطنبول بتركيا، حيث وُلد والدي وترعرع، وكان لهم حظ وافر من الثروة والثقافة والتمسك بدينهم.
طالع..المصدر
وقد
عادت عائلة والدي إلى اليونان خالية الوفاض, عندما جاء الوقت الذي قررت
فيه الحكومة التركية طرد غالبية المواطنين اليونانيين من تركيا ومصادرة
ثرواتهم ومنازلهم وتجارتهم، ومن هنا كانت بداية كراهية الإسلام.
عائلة
أمي كانت تعيش في إحدى الجزر اليونانية على الحدود بين اليونان وتركيا،
وخلال الهجوم التركي على الجزيرة قاموا باحتلالها وإحراق منازلهم، ولقد
فرَّت أمي وأهل الجزيرة إلى البر اليوناني بغية البقاء على قيد الحياة، وقد
كان هذا سببًا أكبر لكراهية المسلمين الأتراك بعد ذلك!
وقد
احتل الأتراك اليونان لأكثر من 400 عام، فكانت الكنيسة تعلمنا أن الإسلام
هو المسئول عن كل جريمة ارتُكبت ضد اليونانين، وأن الأتراك كانوا مسلمين
وجرائمهم تعكس معتقداتهم الدينية.
وقد
كانت في الواقع خطة خبيثة جدًّا من الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية لبناء
الكراهية في قلوب اليونانيين ضد الإسلام من أجل حماية دينهم، ومنع الناس من
التحوُّل إلى الإسلام، لذلك ولمئات السنين كنا ندرس في تاريخنا والكتب
الدينية الكراهية والسخرية من الدين الإسلامي.
كانوا
يدرِّسون لنا في كتبنا، أن الإسلام في الواقع ليس دينًا وأن محمدًا (صلَّى
الله عليه وسلَّم) لم يكن نبيًّا! لكنه كان زعيمًا ذكيًّا وقائدًا
سياسيًّا، والذي قام بتجميع القواعد والقوانين من اليهود والنصارى، وأضاف
بعض أفكاره ثم غزى العالم.
وفي
المدرسة، تعلَّمْنا أنه علينا أن نسخر من النبي محمد وزوجاته أو أصحابه،
وإن جميع "الرسوم الكاريكاتيرية" والتشهير ضده والتي قامت وسائل الإعلام
بنشرها مؤخرًا هي في الواقع جزء من الدروس والامتحانات التي ندرسها، الحمد
لله، فقد حمى الله قلبي ولم تدخل كراهية الإسلام فيه.
وقد
نجح اليونانيون الآخرون أيضًا في التخلص من عبء الإرث الديني الأرثوذكسي
الملقى على عاتقهم، وقد شاء الله أن يفتحوا أعينهم وآذانهم وقلوبهم حتى
يروا أن الإسلام هو الدين الحقيقي الذي بعث به الله، ومحمد هو النبي الحق،
وخاتم الأنبياء جميعًا.
ويعتقد
المسلمون أن الله قد أرسل رسلا للبشرية لهداية الناس، بدءا من آدم ونوح
وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق وموسى وعيسى (عليهم السلام جميعًا)، لكن الله قد
أوحى إلى رسوله محمد بالرسالة الخاتم.
وقد
كان عونًا كبيرًا لي أن والدايَ لم يكونا متدينيين جدًّا، وكانوا نادرا ما
يمارسون شعائرهم الدينية واعتادوا ألا يصطحبوني إلى الكنيسة إلا خلال
الأعراس أو الجنازات، وكان الفساد الذي يشهده والدِي يوميا بين الكهنة
دافعَه للبعد عن دينه.
كيف
يمكن لهؤلاء (الكهنة) الذين يدعون إلى الله والخير، وفي الوقت ذاته يسرقون
أموال الكنيسة، ويشترون القصور والسيارات الخاصة الفارهة، فضلا عن انتشار
الشذوذ الجنسي فيما بينهم؟ هل هؤلاء هم الصالحون الذين ينبغي عليهم إرشادنا
وتصحيحنا، وأن يقربونا إلى الله؟ لقد ضاق والدي ذرعًا بهم، وهذا أدى به
إلى الإلحاد.
لقد
فقدت الكنائس معظم أتباعها، على الأقل في بلدي، وذلك بسبب أفعالهم، أما في
الإسلام فنجد الشيخ أو عالم الدين يساعد ويدعو الآخرين بعاطفته ابتغاء
مرضاة الله والفوز بالجنة لا غير.
وفي
المسيحية حتى تصبح كاهنًا فهي تعتبر مهنة ربحية، وقد دفع هذا الفساد "داخل
الكنيسة" الكثير من الشباب للبعد عن الدين الذي ولدوا عليه وقادهم للبحث
عن شيء آخر.
وعندما
كنت في سن المراهقة كنت أحب أن أقرأ كثيرًا ولم أكن في الحقيقة راضية أو
مقتنعة بالمسيحية، ولقد ترسخ لديَّ الإيمان بالله والخوف منه ومحبته، ولكن
أي شيء آخر كان محيرًا.
وبدأت رحلتي في البحث حولي، ولكني لم أفتش عن الإسلام (ربما بسبب خلفية كراهية لدي).
والحمد
لله فقد رحمني وهداني من الظلمات إلى النور، ومن الجحيم إلى الجنة إن شاء
الله، لقد أهداني الله بزوجي، وهو مسلم، وزرع الله بذور الحب في قلوبنا مما
أدى إلى الزواج دون الالتفات إلى الاختلافات الدينية.
وقد
كان زوجي على استعداد للإجابة على أسئلتي عن دينه، دون الإساءة إلى
معتقداتي (مهما كانوا مخطئين) وبدون ممارسة أي ضغط علي أو حتى طلب تغيير
ديني، وبعد ثلاث سنوات من الزواج، وكان لدي فرصة لمعرفة المزيد عن الإسلام
وقراءة القرآن الكريم، وكذلك الكتب الدينية الأخرى، واقتنعت أنه لا يوجد
الثالوث، ولا الإله يسوع.
فالمسلمون
يؤمنون بأن الله هو الواحد الأحد ليس كمثله شيء، ليس له ولد، ولا شريك له،
وأنه لا أحد يستحق العبادة إلا الله وحده! فليس له مثيل في صفاته
وألوهيته، وقد وصف نفسه قائلا: "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد".
فلا
أحد يستحق أن نتضرع إليه أو نصلي له أو نعبده إلا الله وحده، فالدين
الإسلامي هو قبول تعاليم الله والإذعان لها والتي أوحى الله بها إلى نبيه
محمد، لقد أصبحت مسلمةً، وحافظت على سرية الأمر من عائلتي وأصدقائي لسنوات
عديدة، وقد عشنا مع زوجي في اليونان نحاول ممارسة شعائر الإسلام، ولكنها
كانت صعبة للغاية، وتكاد تكون مستحيلة.
ولم
تكن هناك مساجد في مسقط رأسي، لا يمكن السماح بالدراسات الإسلامية، فلا
يوجد مصلون أو صائمون أو النساء اللواتي يرتدين الحجاب، فلم يكن هناك سوى
بعض المهاجرين المسلمين الذين جاءوا إلى اليونان من أجل مستقبل مادي أفضل
وسمحوا لنمط الحياة الغربية جذبهم وإفسادهم في نهاية المطاف، ونتيجة لذلك
فهم لا يتبعون دينهم، وفقدوه تمامًا.
وقد
كان من الصعب للغاية أداء واجباتنا الإسلامية، خاصة بالنسبة لي، لأنني لم
أولد مسلمة، وليس لديها التربية الإسلامية، وكان عليَّ أنا وزوجي أن نصلي
ونصوم باستخدام التقويم، بدون أذان للصلاة، ولا توجد جالية إسلامية تدعمنا.
ومع مرور كل يوم شعرنا أننا كنا نعود إلى الوراء, وإيماننا آخذ في
التناقص.
لذلك
عندما ولدت ابنتي قررنا الهجرة إلى بلد إسلامي من أجل إنقاذ أرواحنا
وابنتنا. فلم نكن نريد تربيتها في بيئة غربية مفتوحة, حيث إنها ستجد صعوبة
في الحفاظ على هويتها، وربما تضلُّ في نهاية المطاف، الحمد الله فقد هدانا
الله وأتاح لنا فرصة للهجرة إلى دولة إسلامية، حيث يمكننا سماع كلمات
الأذان الطيبة، وتعميق معرفتنا به وحبنا لله وللرسول.
---------------------------
طالع..المصدر
تعليقات