الإعلام الغربي يطالب حكوماته بالاعتراف بحماس
ترجمة: حسن شعيب
طالب
الإعلام الغربي في الآونة الأخيرة حكوماته بالاعتراف بحركة المقاومة
الإسلامية "حماس"، كشريك في الحوار السياسي في فلسطين المحتلة والتخلي عن
سياسة الإقصاء والإبعاد التي تتمسك بها الحكومات الغربية تجاه حركة حماس
وممثليها المنتخبين شرعيا من الشعب الفلسطيني.
وبحسب
صحيفة "تايم الأمريكية"، دعا "جو كيلين" الكاتب الأمريكي، الولايات
المتحدة بالحديث إلى حماس حيث قال "إن لدى حماس بعض الحقائق المهمة تصب في
صالحها: إنها موجودة, و هي قوية في غزة – كنتيجة مباشرة لخدماتها
الاجتماعية الحقيقية في غزة و عدم وجود الفساد نسبيا بالمقارنة مع حركة
فتح- كما أن لديها شكاوى مشروعة".
وأكد
كيلين "ليس هناك سلام دون وجود حماس كجزء من العملية, و لن يكون هناك سلام
إذا رفضت الولايات المتحدة الحديث مع جميع الأطراف. في الماضي كان صانعو
السلام في الشرق الأوسط في كثير من الأحيان هم الإرهابيون السابقون فلماذا
لا يحدث هذا الأمر الآن؟
وانتقد
المحلل البارز "شيموس ميلن" في صحيفة "ذي جارديان" البريطانية السياسة
الغربية على وجه العموم والأمريكية على وجه الخصوص تجاه طريقة التعامل مع
حركة المقاومة الإسلامية "حماس. موضحا أن وضع شروط تعجيزية لحماس في مقابل
التعامل معها هو ضرب من الخيال بسبب الشعبية الجارفة التي تتمتع بها الحركة
بين الفلسطينيين. وقال ميلن "إن توجيه الدعم الأوروبي والأمريكي لعباس
لمجرد ملاحقة عناصر حماس في الضفة الغربية هو عمل أحمق مصيره الفشل لا
محالة".
وقال
"إن ما يدهشني بالفعل هو الفيتو المستمر من جانب الولايات المتحدة على
المحادثات مع الممثلين المنتخبين للفلسطينيين (حماس)، والذين فازوا قبل
ثلاث سنوات في انتخابات حرة في ظل احتلال عسكري. وذلك برغم أن أوباما قد
أقر بالدعم الذي تحظى به "حماس" في خطابه بالقاهرة، ولكنه أصر على أن
الحركة لا يمكنها "أن تلعب دورا" إلا إذا وقعت على شروط يعلم هو علما جيدا
أنها لن تقبلها".
وأضاف
ميلن "إن الأمريكيين وحلفاءهم يفعلون كل ما هو ممكن لتعميق الانقسام بين
"حماس" وحركة "فتح" التي يترأسها رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس.
وفي الحقيقة، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي يجعلون
الدعم للسلطة الفلسطينية معتمدا على مواصلة حملة الملحقة الأمنية ضد نشطاء
"حماس" في الضفة الغربية- والتي تبرر على أنها محاربة للإرهاب- وتجعل
المصالحة بين الفصيلين الفلسطينيين بعيدة المنال".
وأكد
ميلن "إن حماس أبدت التزامها من البداية، حيث أن استأنفت "حماس" وقفها
السابق لإطلاق النار، منذ العدوان الإسرائيلي على غزة. وجدد زعيم "حماس"،
خالد مشعل، التشديد على التزام الحركة بوقف غير محدد للعمليات القتالية في
مقابل انسحاب كامل من الأراضي المحتلة عام 1967 واعتراف بحق اللاجئين في
العودة".
وقال:
للأسف أن الصفقة الوحيدة التي تتصورها الولايات المتحدة هي مع محمود عباس
الذي انتهت فترة ولايته في يناير الماضي. وقد قالها الرئيس الديمقراطي
للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، جون كيري، أخيرًا: "حماس فازت
فعلا في انتخابات واحدة- ولا يمكننا السماح لهم بالفوز في انتخابات أخرى.
وفي
مجلة التايم الأمريكية قال الكاتب الأمريكي "توني كارون" في دعوته
لأوباما لخطوته التالية في الشرق الأوسط أن يضع في الحسبان أن مشكلة الشرق
الأوسط والصراع الفلسطيني الإسرائيلي, ما يعاني منه عباس رئيس السلطة
الفلسطينية من الضعف السياسي حيث أنه انخرط في ملحمة صراع علي السلطة مع
حماس والتي لا تسيطر فقط علي قطاع غزة ولكنها أيضا هي الحكومة الشرعية
المنتخبة ديمقراطيا داخل المجلس التشريعي الفلسطيني مما أدي إلي تراجع نفوذ
عباس داخل فلسطين حتى في منظمة فتح. ويعلق كارون بالقول "قد أصبح من
الحكمة التقليدية على الصعيد الدولي أنه لا مصداقية لعملية السلام في
الشرق الأوسط دون الاعتراف بحماس ومشاركتها فيها"
وقال
الكاتب الأمريكي بيتر بينارت: "إنه وبطريقة ما أصبحت حركة حماس هي الحدُّ
الأخير، فبعد أحداث 11 سبتمبر تعهدت إدارة بوش بأنها لن تتفاوض مع
"الإرهابيين"– ليس فقط تنظيم القاعدة ولكن أيضًا الحركات "الإرهابية"
الوطنية والأنظمة التي ترعاها" ثم عادت الولايات المتحدة وقد فتحت باب
الحوار مع من تسميهم "محور الشر" ومنهم كوريا الشمالية وإيران وسوريا
وطالبان والبعثيين في العراق.
وأشار
بينارت، "من هنا جاءت المطالبة بالحديث مع الحكومة التي تُشارك فيها حركة
حماس حيث إن حماس تُشبه إلى حدٍ كبير حركة طالبان والبعثيين أكثر من تنظيم
القاعدة. وإلى جانب ذلك نرَى أنّ حماس أصبحت لها جذورٌ عميقة في المجتمع
الفلسطيني وبالتالي من الصعب اقتلاعها بالقوة. كما قامت بتأسيس شبكة رعاية
اجتماعية ضخمة داخل المجتمع الفلسطيني ولذلك نجد أنّ الاستطلاعات العديدة
التي أُجريت مؤخرًا داخل فلسطين تشير إلى أنّ حماس هي الفصيل الفلسطيني
السياسي الأكثر شعبية".
وأضاف
" أنه خلال 22 يوما من الغزو الإسرائيلي علي مؤسسات حماس في غزة, إلا أنّ
الحرب لم تؤلب الشعب الفلسطيني ضد حركة حماس. بالعكس أصبحت الحركة أكثر
تحصينًا داخل غزة من أي وقت مضى".
وقالت
جريدة "نيويورك تايمز" تعليقا علي إنتاج أول فيلم سينمائي لها في غزة: إن
حماس قد حققت انتصارا في مجال الرأي العام، وها هم قادتها اليوم يستثمرون
هذا التعاطف العالمي لصالحهم، ولعل هذا التكتيك الجديد هو نوع من حسن
استثمار الفرص سواء كان ما يجري استراحة محارب أو هدوءاً تمنحه الحركة
لمقاتليها لاستعدادات عسكرية أشد فاعلية أو كان هذا التكتيك الجديد ذكاء
سياسيا، وحسن براعة في اللعب بالأوراق، وأسلوبا واعيا في التعامل مع قوى
العالم .سواء كان هذا أو ذاك فإن حماس بلا ريب أثبتت أنها مازالت عصية على
كل محاولات الهدم والاحتواء."
وفي
مجلة "لوفيجارو" الفرنسية والتي ذكرت أن هناك محادثات فرنسية سرية مع قادة
حماس تتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط. حيث أشارت إلى زيارة سرية
لإيف أوبان دو لا ميسو زيار وهو دبلوماسي فرنسي لأول مرة إلى غزة منذ يناير
الماضي, مع مسؤولين من حركة حماس. وقد التقى الدبلوماسي الفرنسي السابق مع
كلا من إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني ومحمود الزهار القيادي بحماس
قبل أن يطلع وزارة الخارجية على أجواء محادثاته مع قادة حماس, ويقول
الدبلوماسي الفرنسي السابق:" إنني أوضحت لحماس أن عليها أن تقترب أقصى ما
يمكن من الشروط التي تفرضها الدول الغربية لكي نستطيع محاورتهم, وقد أجاب
قادة حماس: نحن مستعدون للقبول بدولة فلسطينية في حدود العام 1967. "
يذكر
أن برلمانيون بريطانيون كانوا قد شنوا حملة بمطالبة الحكومة البريطانية
ببدء حوار مع من وصفوهم بـ "المعتدلين" في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"
في إطار عملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، معتبرين أنّ ذلك من
مصلحة بريطانيا.
وأوضح أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، أنّ عدم وجود حوار مع حركة "حماس" لا يُشجع عملية السلام في الشرق الأوسط".
وقال
مايك جايبس رئيس اللجنة البرلمانية البريطانية: "قلما نرى مؤشرات تفيد أنّ
السياسة الحالية التي تقضي برفض الحوار مع حماس تتيح تحقيق الأهداف
المعلنة للجنة الرباعية".وأضاف: "لذلك نكرر توصيتنا التي أصدرناها في 2007
والتي تدعو الحكومة إلى الإسراع في بحث إمكانية إجراء الحوار مع العناصر
المعتدلة في حماس".
وأشار
الأعضاء إلى " أنّ عملية السلام العادل الذي تدعو إليه اللجنة الرباعية
باعتباره عنصرًا في إستراتيجيتها لمنافسة حركة حماس، سيكون من الصعب بلوغه
من دون تعاون أقوى من حماس نفسها".
--------------------
تعليقات