"بوكو حرام".. هل انتهى الحلم؟!
ترجمة: حسن شعيب
أُلقيَت
جثث المسلمين في شوارع نيجيريا، في مشهد مؤلم نقلته عدسات وسائل الإعلام
الغربية بدم بارد، وأطلق على أصحاب هذه الجثث عدة أسماء منها "طالبان
نيجيريا"، وذلك في محاولة لتبرير قتلهم؛ ولأن الغرب وعملائه يرفضون تطبيق
الشريعة، ويعدونها تخلفا ورجعية، فقد اتخذ القرار بتصفية جماعة "بوكو حرام"
(تعاليم الغرب حرام)، في نيجيريا.
بدأت
الأحداث يوم الأحد 26 يوليو عندما قامت الحكومة النيجيرية في ولاية باوتشي
بالقبض علي بعض أعضاء جماعة "بوكو حرام" بتهمة الاشتباه في الضلوع للتخطيط
لمهاجمة مراكز الشرطة وسرعان ما امتدت الاضطرابات إلى مدن أخرى في أنحاء
مختلفة في شمال نيجيريا.
من هي جماعة "بوكو حرام"؟
هي
جماعة أطلق عليها اسم "طالبان نيجيريا" وهم أتباع العالم الإسلامي "محمد
يوسف" الذي يعارض جذريا مناهج الغرب التعليمية وينادي بتطبيق الشريعة في
جميع أنحاء نيجيريا.
وتتخذ
الجماعة من مايدوجوري عاصمة شمال شرق بورنو مقرا لها، وينتمي أساتذة
الجامعات والطلبة في باقي الولايات الشمالية بما فيها ولاية كانو ويوبي
وسوكوتو وبوتشي إلى هذه الجماعة بالإضافة إلى الأميين والعاطلين.
من
جانبه قال الرئيس النيجيري عمر يارادو أن الأجهزة الأمنية كانت تتعقب
نشاطات الجماعة لعدة سنوات واصفا إياها بأنها "جماعة خطيرة كامنة".
وقد أصدر الرئيس أوامره لقوات الأمن باتخاذ كل الإجراءات اللازمة من أجل استئصال أعضاء هذه الجماعة نهائيا.
وقد
قام الجيش يوم الثلاثاء 28 يوليو بقصف أجزاء من مجمع في مايدوجوري عاصمة
الولاية التابع لمحمد يوسف زعيم جماعة بوكو حرام. وقامت الشرطة بحملة تمشيط
من منزل إلى منزل واعتقلت أعدادا كبيرة ممن يشتبه في أنهم أتباع بوكو
حرام.
وحسب
المتحدث باسم الشرطة فإن الأجهزة الأمنية قامت باقتحام مسجد الجماعة وقام
الجيش باستخدام قذائف الهاون لقصف الحي الذي يقع فيه منزل زعيم الحركة،
والقبض على زعمائها وتصفيتهم في السجون، وقامت قوات الأمن بإعدام عدد ممن
استوقفتهم من المسلحين في الشوارع.
ولقد
شعرت أجهزة الدعاية الغربية، وتوابعها في بلاد المسلمين بالفرحة والنشوة
بقتل الإسلاميين، دون أن يحتج المسلمون ولا بلادهم, أو منظماتهم الكثيرة
وذلك لأن القتل للإسلاميين هو السبيل الوحيد للتخلص منهم.
من
جهتها رأت مجلة "تايم الأمريكية" أن الأزمة في نيجيريا ربما تكون قد خمدت
بعد مقتل زعيم جماعة "بوكو حرام"، لكن احتمال اندلاع الصراعات في نيجيريا
بين المسلمين والمسيحيين مازال ممكنا.
وأضافت:
إن هدف الإسلاميين في الولايات الشمالية هو إسقاط الحكومة الفيدرالية في
أبوجا من أجل تحقيق هدف لا يمكن التراجع عنه أو نسيانه وهو هدف تطبيق
الشريعة الإسلامية وإقامة نظام حكم إسلامي.
ولقد
أشارت المجلة إلى ما أعلنته الحكومة النيجيرية عام 2004 من تحقيق الانتصار
على هذه الجماعة التي حملت في هذا الوقت اسم "طالبان النيجيرية" ثم مرت
السنوات وعاد مقاتلو هذه الجماعة للنهوض من جديد والسعي نحو تطبيق الشريعة
الإسلامية من خلال سلسلة هجمات استهدفت مراكز الشرطة ومصالح حيوية.
وكانت
حركة طالبان المحلية قد ظهرت في نيجيريا في عام 2004، وجعلت قاعدتها مدينة
كاناما في ولاية يوب شمال شرق على الحدود مع النيجر، وتسعى إلى تأسيس دولة
"إسلامية طاهرة" شمال البلاد.
وحذرت
"تايم" مما أسمته بركان غضب الذي من الممكن أن ينفجر في أية لحظة داخل
نيجيريا، ويشعل حربا أهلية في أي وقت لاسيما بسبب الانشقاق الديني بين سكان
هذه الدولة البالغ عددهم 150 مليون نسمة ينقسمون إلى مسلمين يعيشون في
الشمال ومسيحيين يعيشون في الجنوب.
الجوع والفوضي
وفي
تحليل للأحداث في نيجيريا لوكالة أنباء "اسوشيتد برس" ذكر أن السبب وراء
أحداث العنف الأخيرة في نيجيريا يرجع إلى الفقر والفساد المنتشر في البلاد
في عهد الحكومة الجديدة، حيث أشار إلى أنه في الوقت الذي ينبغي أن تكون
نيجيريا من أكثر الدول الغنية بالنفط إلا أنها تزداد فقرا يوما بعد يوم.
ومع
استمرار القتال لأكثر من يومين يعد هذا إشارة إلى أن الحكومة الفاسدة غير
قادرة أو مستعدة علي مواجهة المشاكل العديدة التي تعاني منها البلاد مما
يجعلها أكثر البلدان الإفريقية في الزيادة السكانية غارقة في الوعود التي
لم تتحقق .
ويشير
التقرير إلى أن الفقر المدقع والعنف والمرواغات السياسية وراء أحداث العنف
التي استمرت لأسبوع، فقد قال المحلل السياسي النيجيري سالسوا سليمان في
صحيفة "نكست" النيجيرية: "إن ثوران العنف الذي حدث هو نتيجة لإثارة المكبوت
من المظالم وخصوصا الجوع والفقر والبطالة التي خلقت أرضا خصبة للقلاقل".
وأضاف: "الفساد وعدم الكفاءة هي المسؤولة عن استمرار الفقر في نيجيريا،
التي تعد ثامن أكبر دولة مصدرة للنفط وخامس أكبر مصدر للنفط للولايات
المتحدة.
وأكد أن النيجيريين فقدوا الأمل في وعود الإصلاح التي وعد بها يارادو طوال مدة ولايته، بما في ذلك من انتشار الفوضى والفساد.
ويقول
محمد نديم عضو البرلمان عن ولاية بورنو الشمالية: "هناك حالة من التهميش
وضعف الفرص يعاني منها المسلمون في الولايات الشمالية، وهناك ظلم واضح لابد
من التعامل مع جذوره من أجل مواجهة مثل هذه الأزمات التي تتفجر كل فترة.
وأشار
نديم إلى أنه وعلى مدار السنوات الماضية نشأ جيل جديد من النشطاء المسلمين
الشباب، معظمهم ينتمون إلى الطبقة المتوسطة، ويعتنقون الأفكار الأصلية
للدين الإسلامي بدون شوائب عقائدية ويرفضون التشبه بالعالم الغربي أو
التقارب مع المجتمعات المسيحية في العادات والتقاليد.
من
جهة أخرى دعت منظمة هيومان رايتس ووتش حسب موقع "الأخبار المالية
والاقتصادية العالمية" إلى إجراء تحقيق فوري في الأحداث التي وصفتها
بالدامية والغير متكافئة، وقال اريك جوتشتوس الناطق باسم المنظمة: "إن
القتل غير القانوني لمحمد يوسف أثناء وجوده في قبضة رجال الشرطة يعد نموذجا
مخيف لازدراء الشرطة النيجيرية مبدأ سيادة القانون.
كما
قالت كورين دوفكا الباحثة التي تعمل لدى المنظمة: "على السلطات النيجيرية
التصرف بشكل عاجل للتحقيق في هذه القضية ومقاضاة كل من لعب دورا في تنفيذ
عمليات القتل غير القانونية هذه التي شهدتها الأقاليم الشمالية من نيجيريا
في الآونة الأخيرة" .
ويشكل
المسلمون الأغلبية في نيجيريا, إذ تشير الإحصاءات الرسمية إلى أنهم يمثلون
68% من سكان البلاد البالغ عددهم حوإلى 140 مليونا، فيما تبلغ نسبة
المسيحيين 22%، أما الـ10% المتبقية فيدينون بديانات وثنية إفريقية.
وكانت 12 ولاية شمالية قد طبقت الشريعة بعد عودة الحكم المدني إلى نيجيريا
ورغم
أن حالة من الهدوء قد سادت البلاد في أعقاب مقتل زعيم الحركة محمد يوسف
إلا أن الخبراء والمحللين يؤكدون أن حلم تطبيق الشريعة الإسلامية الذي
يراود المجتمع الإسلامي في شمال نيجيريا لا يمكن أن ينتهي بهذه السهولة.
-----------------
تعليقات