مسلمات أمريكا.. والمعادلة الصعبة!


ترجمة: حسن شعيب
يُسمَعُ الأذان خمس مرات يوميًّا في هذه المدينة, رغم أنها ليست في منطقة الشرق الأوسط، ولا في إحدى الدول الإسلامية.. إنها مدينة "ديربورن" في ميتشجان، حيث يوجد أكبر عدد للسكان العرب الأمريكيين في الولايات المتحدة. وكما هو الحال مع الكثير من المهاجرين؛ فمن الممكن أن يكون العديد منهم جاء إلى أمريكا منذ سنوات للبحث عن حياة أفضل. وحيث إن صناعة السيارات في ميتشجان احتاجت إلى عاملِين منذ عقود قليلة مضت فقد أصبحت ولاية ميتشجان الوَاجِهَةَ المقصودة للكثير منهم.
وبالفعل، استقرَّ كثيرٌ من المسلمين من جميع أنحاء العالم هنا، وقاموا بافتتاح المحلات والمطاعم، وحوَّلوا مدينة ديربورن إلى مجتمع ذي صِبْغةٍ إسلاميَّة قويَّة؛ حيث توجد المساجدُ في كل جزء منها، وكذلك تنتشر الأطعمةُ التقليدية من البلدان الإسلامية المختلفة، مثل باكستان وسوريا.
تحدِّي العفاف
لكن، وبرغم أنَّ المسلمين يحصلون على نصيب من الحياة الكريمة والراحة فيها أكبر مما يحصلون عليه في أوطانهم، نجد السيدة المسلمة تقول: إنها باستمرارٍ تحاول الموازنة بين الحريات المطلقة في الثقافة الغربية، والالتزامات التي تُوَاجِهُهُنَّ من التقاليد الاجتماعية والدينية.
وها هي زينب فخر الدين, سيدة لبنانية أمريكية، ترعرعت في ديربورن, نجدها تمشي في الشارع مرتديةً ثوبًا من قطعتين، والحجاب يغطِّي رأسها، ويُحَدِّدُ وَجْهَهَا بإحكام. وتقول زينب: إن الحجاب شَرَعَهُ الله لصوْن عفاف المسلمة وسَتْرِهَا والحفاظ على جمالها.
وأضافت أن في مجتمعها الإسلامي، حيث يَلْبَسُ العديدُ من النساء الحجاب، لا يتأتَّى لأحد أن يُتْبِعَ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ"، وأن "هناك نوعًا من الطمأنينة في هذه المدينة؛ "ديربورن"، ولكن هذا يختلف عند مغادرتها". فخارج ديربورن القصة تختلف.
الحريَّةُ المُرَّةُ
وبرغم أن الجاليات الإسلامية تتزايد في معظم مدن أمريكا، فإن العديد من المسلمات اللواتي يَعِشْنَ هنا يقُلْنَ: إن التَّشَبُّهَ بالثقافة الغربية صعبٌ جدًّا. وفي الواقع فإن الحياة بالنسبة للمسلمات في أمريكا تختلف تمامًا؛ حيث يقلن: إنهن مترددات بين تقبُّل هذه الحريات المطلقة، غير المتاحة في أوطانهن، وبين رفضها؛ خوفًا من أنها لا تتناسب مع تعاليم دينهن. 
وتقول زينب: "الدين الإسلامي يحرِّم علينا سماع الموسيقى، ولذلك فهناك بعض المناطق التي نتجنب الإقامة فيها حتى لا نسمع الموسيقى". وباستطاعة الرجل أن يتزوج أربع نسوة في الإسلام، في حين أن هذا غيرُ ممكن في أمريكا, ويقول أئمة المسلمين: إن الرجل هو رب المنزل في الإسلام.
أما أمية مصطفى، التي رحلت من باكستان إلى أمريكا منذ عشر سنوات، بعدما زوَّجها أبواها من رجل باكستانيٍّ يعيش في أمريكا، فتقول: "القرارات الحاسمة من شأن الزوج، ولكننا في الواقع نتناقش في كل شيء معًا".
أزمةُ فَهْم
وفي الشهر الماضي, تم العثور على آسيا حسن، وهي سيدة مقيمة في "بافلو"، ثاني أكبر مدينة في نيويورك، مقطوعةَ الرأس، بعد تقديمها شكوى للشرطة بسبب العنف المنزلي الذي تتعرض له. وقد اتُّهم زوجُها، مزمل حسن، بارتكاب الجريمة.
وبينما يحذِّر القادة المسلمون من النمطيِّين، وأوضحوا أن العنف المنزلي قد يحدث في كل المجتمعات؛ إسلامية وغير إسلامية، فإن القادة يقلقون بشأن بعض حقوق المرأة؛ حيث يتم استخدام الإسلام بشكل خاطئ لتبرير العنف ضد المرأة.
وتقول فاي عمان (23 عاما , مولودة في اليمن): "إن الرجال المسلمين التقليدين دائمًا ما يكونون محميين بعناية، فهم يسيطرون على المرأة، حيث لا يسمحون لواحدة من السيدات أن تفعل هذا أو ذاك".
وتقول: إنها تشعر بأنها سعيدة الحظ بحياتها في الغرب؛ حيث يمكنها أن تعيش في حرية وأمان أكثر مما تشعر به في موطنها. ويخاف أئمة المسلمين من المرأة التي تشبه عمان أن تصبح أكثر شيوعًا، وأن تؤثر الثقافة الأوربية كثيرًا على أجيال النساء المسلمات اللواتي يعشن في أمريكا.
تغْريبُ الهُويَّة
 ونجد أن عمان تقف ضد السيدة التقليدية في المجتمع المسلم، وذلك بالتأثر بوجهات النظر الغربية وتقاليدها، فهي لا تلتزم بالزي الإسلامي ولا بغطاء الرأس، بل وترى أن وضع المساحيق والتبرج بصفة عامة من الحريات التي لا تَكْفُلُهَا للمرأة بلدانُ العالم الإسلامي.
في حين أن سكينة فالح، وهي مدرسة يمنيَّة تقوم بتدريس الآداب الإسلامية للفتيات المسلمات، تقول: "إنني منزعجةٌ من هذا السلوك الذي لا يتناسب مع الدين الإسلامي، والذي سيضُرُّ بالمرأة في المقام الأول". وتقول: "إنها تهتمُّ بهؤلاء النساء اللاتي يَشْرُدْنَ عن هذا الدين الحنيف".
أما أمينة عارف، وهي من كبار الشخصيات الإسلامية في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، فتقول: "إن العديد من النساء يأتين إلى هنا من البلدان الإسلامية المختلفة، ولذلك فإنهنَّ سيتأثِرْن ـ بالفعل ـ بالعادات ووجهات النظر الغربية المختلفة. وأضافت أن كل واحدة منهن جاءت إلى الولايات المتحدة بخلفياتها الخاصة عن الممارسات الثقافية والدينية.
وأوضحت عارف: "وحيث إن أمريكا هي بوتقةٌ انْصَهَرَتْ فيها جميعُ الشعوب من كل العالم, فهي أيضًا بوتقةٌ للمسلمين من كل العالم".
------------------------
طالع.. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء