الشريعة الإسلامية في بريطانيا.. اعترافات واعتراضات
ترجمة: حسن شعيب
مع انتشار الإسلام في الغرب تشهد العديد من الدول الأوروبية قوانين جديدة تصبُّ في مصلحة المسلمين كان آخرها في بريطانيا والتي أقرّت الحكومة فيها بقانونية المحاكم الإسلامية الشرعية على أراضيها حيث كانت المحاكم الشريعة خلال الربع قرن الأخير تقوم بالفصل في بعض أنواع القضايا بين مسلمي بريطانيا إلا أنه وبعد هذا القرار الحكومي الجديد باتَ بإمكان القضاة المسلمين تَوَلّي كافة الصلاحيات لإصدار أحكام تستند إلى الشريعة الإسلامية في قضايا الأحوال الشخصية والخلافات المالية والعنف العائلي .
تاريخ
بحسب ما ذكرته صحيفة "ديلي ميل"
البريطانية فإنه وطيلة 25 عامًا يُصادق مجلس الشريعة الإسلامية (هيئة من
كبار علماء المسلمين في بريطانيا) على الآلاف من حالات الزواج وقضايا
الطلاق. وأشارت الصحيفة إلى أن ما لا يقل عن 85 محكمة بريطانية تُطبق أحكام الشريعة الإسلامية في المملكة المتحدة.
وأكدت أن هذا الرقم أعلى 17 مرة من السابق، وأوضحت "ديلي ميل" أنّ المحاكم التي تعمل أساسًا من المساجد، حيث تقوم بتسوية النزاعات العائلية والمالية وفقًا لمبادئ دينية، مشيرةً إلى أنها تضع الأحكام التي يمكن أن تحصل على وضعها القانوني بالكامل في حالة الموافقة عليه في المحاكم المحلية.
وأكدت أن هذا الرقم أعلى 17 مرة من السابق، وأوضحت "ديلي ميل" أنّ المحاكم التي تعمل أساسًا من المساجد، حيث تقوم بتسوية النزاعات العائلية والمالية وفقًا لمبادئ دينية، مشيرةً إلى أنها تضع الأحكام التي يمكن أن تحصل على وضعها القانوني بالكامل في حالة الموافقة عليه في المحاكم المحلية.
هذا
وكانت الحكومة البريطانية قد وافقت على تشكيل خمس محاكم إسلامية لتطبيق
أحكام الشريعة في قضايا الطلاق والنزاعات المالية والعنف الأسرى في "لندن"،
و"برمنجهام"، و"برادفورد"، و"مانشستر"، و"وارويكشير"، ومن المقرر تشكيل
محكمتين أخريين في "جلاسجو"، و"أدنبرج". وقد نظرت هذه المحاكم حتى الآن ما يزيد على 100 قضية في الزواج والميراث وإيذاء الجيران، إضافة إلى ستّ قضايا عنف عائلي شاركت الشرطة في تحقيقاتها .
وحسب صحيفة التايمز البريطانية التي أشارت إلى تقرير أصدره معهد دراسة المجتمع المدني (سيفتاس) في المملكة المتحدة أنّ هناك 85 محكمة شريعة إسلامية على الأقل تعمل في بريطانيا، وتُصدر فتاوى غير معترف بها بموجب قانون التحكيم لعام 1996 . برغم وجود محاكم مماثلة للجماعات الدينية مثل بيت الدين اليهودي مما يدلُّ على عدم المساواة.
وأضاف التقرير "أنّ محاكم الشريعة الإسلامية تتمحور في خمس مدن بريطانية، لندن ومانشستر وبرادفورد وبيرمنغهام ونانيتون لكن هناك 85 محكمة على الأقل تعمل ضمن المساجد المنتشرة في مختلف أنحاء المملكة المتحدة.
مزاعم
وقد
سمح القائمون على التقرير لأنفسهم في التدخل في الدين الإسلامي بضرب أمثلة
على الأحكام التي تصدرها محاكم الشريعة الإسلامية (وهي تخصُّ المسلمين
فقط) ومن بينها عدم وجوب زواج المرأة المسلمة من غير المسلم ما لم يغيّر دينه ويعتنق الإسلام، والسماح للمسلم بالزواج من أكثر من زوجة، وعدم وجوب بقاء المرأة المسلمة في بيت زوجها في حال ترك الإسلام .
وتناسى
التقرير وجود محاكم مماثلة للجماعات الدينية مثل بيت الدين اليهودي وزعم
أنّ إدخال أحكام الشريعة الإسلامية إلى بريطانيا يمثل تحديًا لحقوق وحريات
الأفراد ولمفهوم النظام القانوني المستند إلى التشريعات التي يسنّها البرلمان.
وزعم التقرير أنّ محاكم الشريعة الإسلامية في بريطانيا يمكن أن تُصدر أحكامًا لا تتناسب مع هذا البلد وتتعارض مع التشريعات الغربية وتحتوي على مزايا يمكن أن تتناقض مع الأعراف القانونية وتشريع حقوق الإنسان في المملكة المتحدة، وخاصة الأحكام المتعلقة بالطلاق ورعاية الأطفال.
وعلى
الرغم من أن القانون البريطاني يعطي الحقّ للأفراد في تسوية نزاعاتهم من
خلال اللجوء إلى طرف ثالث مثل المحاكم الشرعية الإسلامية وبيوت الدين
(المحاكم الدينية) اليهودية، شريطة موافقة طرفي النزاع، فإنه لا يعترف
بالأحكام الصادرة عن هذه الهيئات.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة التجراف أنّ
الاعتراف بالمحاكم الشرعية يعد وسيلة حميدة لمسلمي بريطانيا للحفاظ على
تقاليدهم، وأنّ المحاكم الشرعية يمكنها تقويض المحاولات الرامية إلى
استيعاب المسلمين بدلاً من تشجيعهم على التكيف مع طريقة الحياة البريطانية.
وأكّد
رئيس أساقفة "كانتربري"، روان وليامز، أنّ تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية
في بريطانيا أمرًا لا مفرّ منه في المستقبل، فيما أعلن لورد فيليبس (رئيس
القضاء البريطاني) أنه يجوز تطبيق الشريعة الإسلامية لتسوية الخلافات
الزوجية والنزاعات المالية.
أول الغيث
وقد علّق شيخ فايز الخطاب صديقي (رئيس مجلس شئون الحكم في المحاكم) قائلاً: "إنهم يحاولون منذ فترة الحصول على اعتراف الحكومة بالمحاكم الشرعية، وكذلك الارتقاء بمستوى هذه المحاكم " .
وأوضح أنهم حصلوا على الاعتراف الرسمي بمحاكمهم من خلال الاستفادة من مادة قانونية وضعت عام 1996، مشيرًا إلى أنه في السابق كان التشريع البريطاني يتيح لنا حلّ النزاعات باستخدام بدائل، منها المحاكم، وهو ما يسميه البريطانيون بـ"حل الخلاف البديل"، بينما يطلق عليه المسلمون المحاكم الشرعية.
وتحظى المحاكم الشرعية بتأييد كبير في أوساط الأقلية المسلمة البالغ عددها نحو مليوني مسلم من أصل أكثر من 60 مليون نسمة.
ومنذ
إنشائها عام 1982، عالج المجلس سبعة آلاف حالة طلاق وخلع وفْقَ بنود
الشريعة، وقال الشيخ الدكتور صهيب حسن (الأمين العام لمجلس الشريعة
الإسلامية وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث) الذي يحظى باحترام كبير
من أعضاء الجالية المسلمة: "نتصرف كمحكمة دينية إسلامية، ما يعني أننا نحكم
في القضايا ونصدر الأحكام كتابيًا، استنادًا إلى الشريعة والفقه الإسلامي،
بعد دراسة القضية".
اعتراف على استحياء
وكان الحدث الأهم الذي جرى في الفترة الأخيرة هو ذلك المتعلق بإقرار الحكومة البريطانية بقانونية المحاكم الشرعية على أراضيها فبعد أكثر من ربع قرن من قيامها بالفصل في بعض أنواع القضايا بين مسلمي بريطانيا، قررت الحكومة البريطانية إعطاء كافة الصلاحيات للقضاة المسلمين لإصدار أحكام تستند إلى الشريعة الإسلامية في نوعيات القضايا الآتية : قضايا الأحوال الشخصية وقضايا العنف العائلي وقضايا النزاعات الخلافات المالية.
وهذه النوعيات من القضايا يجب فيها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بالنسبة للمسلمين؛ حيث لا يجوز من وجهة النظر الشرعية الاحتكام فيها إلى قانون غير إسلامي أو وضعي. ويبقي السؤال الذي طرحته جريدة ذي اندبندنت البريطانية:
هل ينبغي أن تقوم محاكم الشريعة الإسلامية بدور فعال في بريطانيا؟
والإجابة على هذا السؤال كما ذكرت الجريدة بالإيجاب تارة والنفي تارة أخري؛
فالإيجاب, حيث إن الجميع بمن فيهم المسلمون، ينبغي أن يكون لهم الحق في تسوية المنازعات الشخصية أمام المحكمة التي يختارونها، وأن الكثير من النساء المسلمات في حاجة إلى ضرورة وجود طمأنينة دينية تُمَكّنهم من التخلص من الزواج القسري، وكذلك لابدّ من منح المسلمين
هذا الحق كما هو متاح بالفعل لليهود. أما بالنفي بزعم أنّ هذه المحاكم
الشرعية تكرس الانقسامات بين المسلمين والمجتمعات الغربية وأنها لا تتوافق
مع الغرب.
----------------------
طالع.. المصدر
تعليقات