المجتمع الإسلامي في نيوزيلندا
ترجمة: حسن شعيب
تقع
دولة نيوزيلندا في جنوب المحيط الهادئ في الجنوب الشرقي لاستراليا، ويصل
عدد سكانها إلى أربعة ملايين نسمة فقط ،ومنهم حوالي أربعين ألف مسلم، وقد
جاء الرَّعِيلُ الأوَّل من المسلمين إلى نيوزيلندا في عام 1868. وكانوا من
أصولٍ صينية وانضموا إلى صناعة التعدين. وعندما انهارت صناعة التعدين عادوا
إلى بلادهم دون أن يتركوا خلفهم أيَّ تراث إسلاميٍّ.
وبعد
ذلك حصل المسلمون الَّذين جاءوا في عام 1908 على الإقامة الكاملة في مدينة
أوكلاند. غير أنه ومع بداية عام 1950 استطاع المسلمون أن يكون لهم قدمٌ
ثابتةٌ في المجتمع فيما يُعرف بالشعب الماوريين الأصليين "أوتياروا" – أرض
السحاب البيضاء الطويلة.
هذا
الرَّعِيلُ الأوّل من المسلمين, برغم قلة عددهم, استطاعوا أن يُنظِّموا
اجتماعاتٍ في بيوتهم الخاصة لأداء الصلاة ودراسة القرآن وإقامة المناسبات
الدينية والاجتماعية.
ومع
زيادة أعداد المسلمين وتنامي وجودهم في المجتمع أصبحت الحاجة إلى وجود
مكان كبيرٍ وثابت أكثرَ إلحاحًا. ونظرًا لذلك فقد كان المسلمون يقومون
بشراء المنازل العاديَّة وتحويلِها إلى مراكز إسلامية في جميع المدن الكبرى
في أنحاء البلاد .
وخلال
عام 1950 شُكلت أول رابطة للمسلمين في أوكلاند, فيما يُعرف باسم الرابطة
الإسلامية بنيوزيلندا، وتلاها بعد ذلك إنشاء مراكز في مناطق أخرى مثل مدينة
"ويلينغتون" وإنشاء رابطة المسلمين في ويلينغتون في عام 1962 والتي
تحوَّلت فيما بعدُ إلى الرابطة الإسلامية الدولية في نيوزيلندا. ويعود
اختيار هذا الاسم لمدى انعكاس حالة المسلمين في ويلينغتون ،حيث وجود غالبية
المسلمين من الطلاب في "كولومبو بلان" من جميع أنحاء البلاد.
وفي
هذا الوقت, كانت المهامُّ التي تقوم بها الجمعيات تهتم في الأساس
بالاحتياجات العاجلة لمجتمعاتهم المحليَّة في غالب الأحيان, تقوم الجمعيات
بإنشاء فصولٍ للأطفال لتعليم قراءة القرآن ودراسة التعاليم الإسلامية فضلًا
عن التدريس لمجموعات الرجال والنساء.
وبالرغم
من ندرة موارد المصادر التعليمية وقلة المدرِّسين المدربين تدريبًا
كافيًا, فإن إنشاء مثل هذه الفصول التعليمية كان ضروريًا لإضفاء شكل من
أشكال التعليم الإسلامي في البيئة العلمانية بالكامل.
وبعد
فترة وجيزة حلت سفينة أوروبية إلى نيوزيلندا وعلى متنها حوالي 50 مسلمًا
من ألبانيا وبلغاريا ويوغوسلافيا. وفي عام 1960 بدأ وصول عدد من الطلاب
المسلمين الأسيويين إلى نيوزيلندا، وفي إبريل عام 1979 تشكلت الهيئة
الوطنية للمسلمين, بما يسمى باتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا.
وفي
أواخر السبعينيات أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن الهيئة الوطنية عليها أن
تقوم بتنسيق أنشطة المجتمعات الإقليمية, وزيادة كفاءتها وقضاء مصالح
المسلمين عمومًا , علي المستوى القومي والدولي، وعلى هذا النحو تم تشكيل
اتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا في عام 1979.
وفي
أواخر التسعينيات بدأ وصول الصوماليين وشعوب الشرق الأوسط إلى المدن
الرئيسية، وكان هناك عدد ثابت ومُطَّرِدٌ من المتحوِّلين إلى الإسلام منذ
السبعينيات.
وقد
سجَّل تعداد عام 2003 أن عدد المسلمين يصل إلى 23 ألف شخص، ومنهم عدد قليل
من المسلمين النيوزيلنديين المختلفين عرقيًّا, والقادمين من 40 دولة منهم
3000 من "باكيها" و 700 من الماوريين.
وبالإضافة
إلى المراكز الإسلامية بُنيَت أربعةُ مساجدَ في بوسونبي وغرب أوكلاند
وهاميلتون وكريستشرش، وتم تحويل الكنيسة إلى مسجد في "مونت روسكيل".
وتقع المراكز الإسلامية في أوتاهاو في مدينة أوكلاند وبالمرستون الشمالية وبوريرو ونيوتاون (ويلينغتون).
وقد تم الحصول على قطع من أراضي بعض المدن لبناء مسجدين ومركز إسلامي، وعن قريب سيتم افتتاح مدرسة إسلامية.
وفي
الوقت ذاته قام مجلس المدينة المحلي بتوفير الاحتياجات الرَّوحانيَّة التي
يحتاج إليها المسلمون, وذلك بشراء قطع أراضٍ لدفن المسلمين في مقابر خاصةٍ
بهم. وتقوم المدارس والجامعات بإرسال الفصول الدِّراسية لزيارة هذه
المراكز والمساجد للحصول على المعرفة والإدراك والمعلومات عن الإسلام
والمسلمين والشعائر الإسلامية. ويقوم ممثلو المسلمين بزيارة الجامعات
ومؤسسات التدريب الأخرى لإعطاء معلومات عن الإسلام، ويقوم العلماء من أصحاب
السُّمعة الدوليَّة بإلقاء المحاضرات العامة في البرامج التليفزيونية
والإذاعية.
------------------------
طالع.. المصدر
تعليقات