مسلمو الويغور.. وصمتُ القبور
ترجمة: حسن شعيب
لقد
استحق مقتل سيدة مسلمة مصرية في ألمانيا قبل أسبوعين أن يُشعِل جذوة الغضب
في العالم الإسلامي ويثير مطالبات لألمانيا بتقديم اعتذار رسمي .
لكن
ومع ثورة المنطقة فيما يخص "شهيدة الحجاب" وجعلها رمزًا للاضطهاد والتمييز
العنصري , فمن الغريب أن نرى مأساة ومحنة سكان الصين من المسلمين
(الويغور) قد قُوبلت بكثيرٍ من الصمت في العالم الإسلامي .
في
يوم 5 يوليو قامت الشرطة الصينية بقمع التظاهرات التي قام بها أقلية من
الويغور المسلمين في مدينة أورميتشي عاصمة إقليم شينجيانغ الواقع في غرب
الصين ، وفي نهاية أعمال الشغب زعمت الحكومة الصينية أنه قد قُتل 137 من
الهان الصينيين و46 من الويغور .
صمتُ القبور
وحسب
قول ضياء رشوان المحلل السياسي في مركز الأهرام الاستراتيجي بالقاهرة
التابع للحكومة المصرية : " لا يوجد كثير من الاهتمام أو العناية التي قد
نوليه في العالم العربي والإسلامي لمثل هذه الأحداث ". وقد قامت العديد من
وسائل الإعلام العربية بتغطية الحدث بشكل متقطع أو حتى لم تلقِ له بالًا
حتى بعد اندلاع أحداث الشغب , وكذلك كُتاب الرأي - والذين كانوا غزيري
الإنتاج والكتابة فيما يخص شهيدة الحجاب - تكاد تكون كتاباتهم عن مسلمي
الصين لا تذكر .
وباستثناء
بعض المقالات في بعض الصحف السعودية والمصرية والتي ناشدت المجتمع الدولي
بمزيد من الاهتمام لمسلمي الويغور مشبهين إياهم بالفلسطينيين وتشبيه الهان
الصينية باليهود ، فإن المناشدة المطلوبة كانت لحكام المسلمين والعرب
والذين سيظل غياب إدانتهم لاضطهاد إخوانهم من المسلمين في الصين مُلفتا
للنظر حتى في الصحافة الإقليمية .
وهذا
بالطبع وبالضرورة ليس شيئا مستغربا ؛ فمعظم حكومات المنطقة - وإلى حد كبير
الصحافة القومية التابعة للدولة - لديهم عدة أسباب لتجاهل ما يحدث في
الصين من الاشتباكات العرقية والدينية . فبالنسبة لبعض الحكومات العربية
فإن الصور الدامية لاشتباكات الشرطة الصينية مع الويغور المسلمين في عاصمة
شينجيانغ الأسبوع الماضي أصبحت مألوفة للكثير منهم بشكل فج ؛ لأن الأمر
نفسه هو الذي يحدث بالداخل .
ويقول
الدكتور عصام العريان أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين المعارضة في مصر ,
مقارنًا الأنظمة العربية بالحكومة الصينية : " إنهم يحققون نفس المنهجية في
التعامل مع معارضيهم ( الجماعات الإسلامية والمعارضة ) وقاموا باعتقال
وقتل الكثير ، لذلك كيف يمكنهم انتقاد الصين ؟! إنهم في نفس القارب " .
وبالفعل
فإن الويغور وجماعة الإخوان المسلمين يستحق كلاهما الشفقة ؛ فالويغوريين
يشتكون من الاضطهاد الديني والثقافي والتهميش الاقتصادي من قبل الهان الذين
يسيطرون على الحكومة الصينية ، وهذا لا يختلف كثيرًا عما يحدث في مصر من
المعاملة الجائرة للإخوان المسلمين ، فهم ممنوعون من المشاركة في الحياة
السياسية وكثيرًا ما يخضعون للاعتقال والاستجواب ، وكذلك تفعل الصين فهي
تضع حدًّا لسفر الويغور الدولي وتحافظ علي درجة من السيطرة والتحكم في
الخطب التي تُلقى على المستويات المحلية في المساجد .
تركيا: الجدارُ المانع
وحتى
الآن لم نجد سوى تركيا الدولة الوحيدة في المنطقة التي قامت بإدانة ما حدث
لمسلمي الويغور ؛ حيث شبه رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي الحملة ضد
الويغور بـ " الإبادة الجماعية " ، وتاريخيا ترتبط تركيا بمسلمي الويغور
بروابط لغوية وثقافية وثيقة , ويعقب العريان على ما قامت به تركيا قائلا : "
لأنهم يملكون نظاما ديمقراطيا فكان من البساطة للقادة أن يقوموا بانتقاد
القادة الصينيين بشدة ".
وهذا
الأسبوع كان هناك بعض الإشارات على الاحتجاجات الجلية في الأردن , حيث قام
أربعون عضوا من نواب البرلمان الأردني بتقديم رسالة إلى رئيس البرلمان
يطالبون فيها الحكومة بإدانة الأحداث التي وقعت في منطقة شينجيانغ رسميًا ،
ومن ناحية أخرى حث الحزب الإسلامي الأردني المعتدل الحكومات العربية على
اتخاذ موقف حيال الممارسات العنصرية في ألمانيا والصين . ولكن لم يتبع هذا
أي بيانات رسمية حكومية .
ووفقا
لما قاله المحللون المحليون أن التجارة هي العامل الكبير في صمت المنطقة ؛
حيث إن الصين لديها تواجد اقتصادي مؤثر في الشرق الأوسط , لا سيما دورها
في سد الثغرات التي خلفتها العقوبات الأمريكية .
ووفقا
لإحصائيات الحكومة الأمريكية فإن الصين هي الشريك الأكبر في كلٍّ من إيران
والسودان , وهي المصدر الرئيسي أو الثانوي للواردات لمعظم البلدان الأخرى
في المنطقة .
معايير مزدوجة
كما
أن هناك إمكانية وجود معايير مزدوجة في التعامل ، فبالنسبة لمصر لا تتورط
الصين معها في أي من الأمور المحرجة في أي تحديات سياسية داخل مصر , وهذا
ما يجعل مصر أكثر تحفظًا تجاه الاشتباكات في الصين ضد المسلمين .
ومع
ذلك فإن البعض يتنبأ أن يأتي رد الفعل الرسمي في الوقت المناسب ، حيث قال
رشوان : " إنه في خلال الأيام والأسابيع القادمة سيكون هناك مزيد من
الاهتمام والانتباه ؛ لأن القضية بدأت تنتشر في وسائل الإعلام ". وأضاف :
"سوف تبدأ المنظمات الإسلامية في الشرق الأوسط دعمهم علنا وشعبيا للمسلمين
في الويغور" .
ومع ذلك فإن فرص قيام رؤساء الدول في المنطقة بمثل ما قامت به تركيا تبدو من غير المرجحة والمتوقعة.
---------------------
طالع.. المصدر
تعليقات