القيود الاقتصادية على الويغور وراء اضطرابات شينجيانغ


ترجمة: حسن شعيب


في شوارع مدن وبلدات شمال غرب الصين في منطقة "شينجيانغ" يمكنك سماع شكاوى مسلمي الأويغور عمَّا يعانونه من القيود المفروضة على ممارسة شعائر الدين الإسلامي وتهميشهم اقتصاديًا، وتمسكهم باللغة التركية أو ثقافتهم، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمعظم أراضي وسط آسيا.
وفي المقابلات التي أجريت في "أورومتشى", عاصمة المنطقة التي انفجرت بها أعمال الشَّغَب العرقية الأسبوع الماضي وأودت بحياة 184 قتيلاً معظمهم من المسلمين، فإن أهم شكوى للمقيمين الأويغور عامة هي شعورهم بالعزلة عن فرص الانتعاش الاقتصادي في الصين.
وتعتبر شينجيانج, التي تشكل سدس مساحة اليابسة في الصين لكن يسكنها أقل من 2 ٪ من السكان, منطقة واسعة من النفط والثروات المعدنية والزراعية.
وبموجب الخطة السياسية التي ترجع لأكثر من عقد وهي "تنمية الغرب"، فإنّ إجمالي الناتج المحلي للمنطقة ارتفع من 20 مليار دولار في عام 2000 ليبلغ 44.5 مليار دولار في عام 2006، وبالرغم من ذلك إلا أن الكثير من الأويغور يؤكدون أنّ الازدهار والانتعاش الاقتصادي استفاد بمعظمه قوميةُ "الهان" الصينيين، في حين أنهم أُهْمِلوا وتم تجاهلهم.
ويقول رجل من الأويغور في أورومتشى والذي رفض الكشف عن اسمه: "إذا كنت من الهان، فتوجد لك الفرصة، ولكن إذا كنت من الأويغور، لا يوجد شيء يمكنك القيام به فنحن جميعا نعاني من الجوع ونمضي في كل حدب وصوب للبحث عن عمل، لكنهم (الحكومة) يقولون إنهم لا يريدون الأويغور".
ويرجع السبب المباشر لأعمال الشغب الأخير إلى المظاهرة التي نظمت في أورومتشى يوم 5 يوليو الماضي احتجاجا على مقتل اثنين من الأويغور في مصنع للألعاب في مقاطعة "قوانغدونغ" الساحلية، بعد أن اتهم عامل سابق ساخط علي الأويغور زورا العمال الأويغوريين باغتصاب نساء الهان، الأمر الذي أدى إلى اندلاع أعمال العنف.
وعندما تحركت الشرطة لوضع حد للمظاهرة في ساحة أورومتشي، قاموا بالاشتباك مع المتظاهرين الأويغوريين؛ مما أودي بحياة أكثر من 184 قتيلا معظمهم من المسلمين.
وفي يوم 13 يوليو, قتلت الشرطة اثنين من رجال الأويغور وجرح ثالث بعد ظهر يوم الاثنين بالقرب من منطقة شينجيانغ في مستشفى الشعب في المدينة الرئيسية في منطقة الأويغور، إلا أن وقوع أكثر من حادث عنف في مكان العمل دليل على عمق مشاعر السخط الاقتصادي لدي الأويغوريين، وهو ما يعد جوهر الاضطرابات في أعمال الشغب هذه.
وقد كان إرسال الحكومة أكثر من 800 عامل من الأويغور في مصنع الألعاب بمدينة "شاوقوان" في "قوانغدونغ" جزء من برنامجها لإرسال عمال الأقليات إلي الساحل.
ويقول درو جلادني, الخبير في الشئون الإسلامية بالصين ورئيس معهد حوض المحيط الهادئ في كلية "بوموناكانوا": "إنهم (الأويغور) لا يستطيعون الحصول على عمل في مقاطعتهم، لذلك ذهبوا إلى الأماكن الأبعد من البلاد للبحث عن وظائف".
وأضاف "تقوم الحكومة بتعينهم، وبعد ذلك لا يشعرون بأن الحكومة تقوم بالدفاع عنهم أو يوفرون لهم الحماية. إنهم يشعرون بالتمييز، فهم لا يمكنهم كسب قوت يومهم من الداخل أو حتى من المناطق البعيدة".  
ووفقا لما قاله باري ساوتمان، أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا, فإن الأويغور كانوا مقياسا للتقدم الاقتصادي ويجدون ملاذا في الشركات المملوكة للدولة مع الأقليات لتوظيفهم، لكن وبعد أن تم تحويل اقتصاد منطقة شينجيانغ بصورة متزايدة إلى القطاع الخاص تآكلت تلك الفرص.
وقبل سنوات كان كل ما في شينجيانغ، مثل بقية الصين مملوكة للدولة وكان من السهل نسبيا لبعض الأويغور أصحاب المؤهلات الحصول على وظيفة في مؤسسات الدولة، وبطبيعة الحال يقوم ذلك على سياسات تفضيلية، أما الآن، فان جزء كبير من الاقتصاد تحول إلى القطاع الخاص، وبذلك أصبح الأمر أكثر صعوبة،  فالأمر يعود لأصحاب الأعمال بشكل فردي وما يريدون توظيفهم.
 ومثل غيرهم من الأقليات، يتقيد الأويغوريين بنقاط إضافية في امتحان القبول الجامعي بالصين، ولكنهم ليس لديهم  نفس المستوى التعليمي الذي يناله مجموعة الهان، فمعظمهم لا يستطيعون التحدث بطلاقة مثل كبار الموظفين الصينيين.
وفي كثير من الأحيان يقوم مديري الشركات ذو الأصول خارج منطقة شينجيانج بوضع شروط للتعيين على أساس إقليمي أو المنشأ، مما أسفر عن وضع العوائق أمام الأويغوريين.
فالصين ليس لديها قانون نزاهة وعدالة التوظيف، وهذا يعني أن أصحاب المهارات والخبرة لا يزالون غير قادرين على الاستناد إليهم إذا كانوا يعانون من التمييز في سوق العمل.
أما عن تعليل الحكومة لأحداث العنف الأسبوع الماضي هو أنه بسبب إثارة بعض المحرضين من وراء البحار ؛ وعليه فإن قضايا استياء الأوغوريين  مثل التمييز في العمل ليست في الرواية الرسمية للأحداث.
 وتعد المشكلة التي يعاني منها واضعي السياسات الصينية هي أن البلاد تشهد نموًا اقتصاديًا سريعًا مما قد يساعد الحكومة على إضفاء الشرعية على أغلبية المواطنين ومنهم الأقليات.
لكن الأويغور يشعرون بالعزلة عن هذا الانتعاش الاقتصادي، وما يزيد شعورهم بالغربة هو تحقيق الازدهار للهان الصينيين، وفي الوقت الذي تواصل فيه الصين تقدمها نحو الثراء والانتعاش فإن الأويغوريين يعانون من التهميش. 
------------------
طالع . المصدر


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء