المستوطنات الإسرائيلية في مهب الريح


ترجمة: حسن شعيب
يؤكد القانون الدولي ضرورةَ إزالة المستوطنات الإسرائيلية وتعويض الفلسطينيين على ما تَكَبَّدوه من خسائر بسببها.
غالبًا ما يدور الجدال والنقاش حول المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من زاوية ما إذا كان ينبغي "تجميد" هذه المستوطنات أم يُسمح لها أن تنمو "بشكلٍ طبيعي". "وهذا أشبه بالتساؤل عما إذا كان ينبغي أن يُسمح للصِّ بالحفاظ على مكاسبه غير الشرعية أو أن يُترك للقيام بسرقة المزيد. وهذا يفتقر إلى أبسط القواعد الأساسية؛ فوفقًا للقانون الدولي فإن جميع المستوطنات في الأراضي المحتلة غير شرعية، لذلك يوجد علاج واحد لتلك المشكلة هو أنه ينبغي على إسرائيل تفكيك هذه المستوطنات ونقل المستوطنين إلى داخل حدود 1967 المُعْتَرَف بها وتعويض الفلسطينيين عن الخسائر التي تسببت فيها المستوطنات.
انتهاك القانون
ولقد كلفت اتفاقية جنيف الاحتلال بإزالة المستوطنات, والاتفاقية تنصّ على أنّ الاحتلال العسكري   عليه أن يقوم بمنع قوات الاحتلال من نقل سُكَّانها إلى الأراضي التي احتلتها. والقصد من ذلك هو استبعاد قيام القوة المحتلة من تمكين سكانها في وقتٍ لاحق من الأرض على أساس"واقع على الأرض" للمطالبة بالمنطقة التي احتلتها، وهو ما قامت به إسرائيل في القدس الشرقية، ويبدو أنها تريد القيام بالمزيد منه في الضفة الغربية.
وقد قامت محكمة العدل الدولية بالتأكيد من جديد على المبادئ القانونية في عام 2004، والتي استشهدت ببيان مجلس الأمن الدولي على أنَّ المستوطنات تُشكل "انتهاكًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة". وقد اتفقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعدد هائل من المؤسسات المعنية بتنفيذ القانون الإنساني الدولي, مع هذه الرؤية.
معاناة هائلة
والتكلفة الاقتصادية والاجتماعية للمستوطنات الإسرائيلية على السكان الفلسطينيين، والناجمة جزئيًا عن حاجة إسرائيل لحمايتها- هائلةٌ؛ فنجد حوالي (في آخر تعداد) 634 من المتاريس والحواجز ونقاط التفتيش التي أُقيمت لمراقبة حركة المقيمين في المنطقة مما يجعل السفر والتنقل ضربًا من العذاب، وفي بعض الأحيان نجد أنه أصبح من المستحيل بالنسبة للفلسطينيين الذهاب إلى العمل والمدرسة أو حتى الذهاب إلى منزل مجاور. في كل يوم يجب عليهم الانتظار لساعات طويلة لإظهار بطاقات الهوية وتحقيق الشخصية، وفي بعض الأيام يقوم الإسرائيليون بتعديل المسار عشوائيًا، وإجبار الفلسطينيين على العودة إلى منازلهم، أو ما هو أسوأ من ذلك، باحتجازهم لاستجوابهم.
وبالمثل، فإن الواقع يؤكّد أنّ إسرائيل تقوم ببناء 87 ٪ من خطتها لبناء450 ميل من "الحاجز الأمني" في الأراضي الفلسطينية وذلك لحماية المستوطنين من العمليات الاستشهادية- التي كان من الممكن إعاقتها من خلال إقامة الجدار على الخط الأخضر- على الجانب الإسرائيلي. وفي الوقت الذي تقوم فيه القوات الإسرائيلية بحماية المستوطنين من الجماعات الفلسطينية المسلحة فليس هناك أية حماية للفلسطينيين من المستوطنين والعصابات التي روّعت السكان المحليين وخرّبت محاصيلهم واقتلعت أشجارهم وقامت بإلقاء الحجارة على المنازل والمدارس.
فاشية بني صهيون
وقلما نجد اهتمامًا بهذا النظام الفاشي للحكومة الذي يقوم برعاية التمييز ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية, حيث تقوم إسرائيل ببناء الطرق الحصرية للمستوطنين، وعدم المساواة بشكل كبير للغاية في الحصول على المياه والوقود والتعليم والرعاية الصحية والنقل والبنية التحتية وغيرها وتقريبًا كل الخدمات الاجتماعية. وتمنح السلطات الإسرائيلية المستوطنين تراخيص البناء في حين أنها تنكرها على الفلسطينيين, وتزعم أن منازلهم "غير قانونية" وتقوم بهدمها في كثير من الأحيان بعد فترة قصيرة من بنائها. ولقد أظهر التناقض الصارخ في معاملة إسرائيل لاثنين من السكان والذين يعيشون على أرض واحدة المدلول السيئ لأخلاق إسرائيل, وكذلك سياسيًا، مع التغطية الواسعة لما تقوم به قوات الأمن الإسرائيلية من إذلال وسوء معاملة للفلسطينيين.
وكثيرًا ما يؤكد السياسيون الإسرائيليون، وحتى الساسة الأمريكيون مرارًا وتكرارًا إدراكَهم ضرورة إنهاء مشكلة المستوطنات إلا أنهم يقولون إنه سيكون من الصعب سياسيًا تفكيكها ويُرجعون ذلك جزئيًا إلى أنها قد تثير غضب المستوطنين ومؤيديهم (الكتلة الانتخابية المهمة في إسرائيل). وبدلًا من ذلك، فإنهم يطالبون بضرورة أن تكون المستوطنات جزءًا من المفاوضات المقبلة واحتمالية مبادلة الأرض.
العودة هي الحل
ولكن هذا فقط يعتبر بمثابة حافِز لمزيد من التوسُّع في بناء المستوطنات وجعل الحلّ السياسي أكثر صعوبة، كما تتغاضى مؤقتًا عن استمرار إسرائيل في انتهاكات حقوق الإنسان باسم توفير الأمن للمستوطنين, والتفريط في احترام حقوق الفلسطينيين من الدرجة الثانية والتي يجب النظر فيها بعد الانتهاء من محادثات السلام التي استمرت لعدة عقود حتى الآن.
قد يكون واجب إسرائيل ما تزعمه من حماية مواطنيها، ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب انتهاك حقوق الفلسطينيين. والطريقة الشرعية الوحيدة، فيما يتعلق باحترام الحقوق لحماية أمن المستوطنين هو نقلهم إلى داخل إسرائيل. وينبغي أن تكون هذه النقطة هي البداية في أي مناقشة بشأن المستوطنات.
-------------------
طالع.. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء