مسلمو أمريكا تحت الميكروسكوب
ترجمة: حسن شعيب
كَانَت
السنوات الثلاث التي أمضاها في دراسة علوم الحاسوب في جامعة نيويورك كفيلة
بأن تجعل "علي شاه" يعتبر الحرم الجامعي للمركز الإسلامي منزله الثاني,
الذي يقع في الطابق الرابع من المبني الحديث الذي يطل على قرية جرينتش,
وفيه- يقول شاه- ترعرع، وتبلورت لديه معنى كلمة مسلم, ناهيك عن تكوين
صداقاته، والراحة التي أصبح يشعر بها داخل هذه المدينة والجامعة.
بيد
أن الأحوال تبدلت مؤخرًا حينما شعر شاه, الذي نشأ في شمال برونزويك في
ولاية نيو جيرسي الأمريكيّة, بالذهول والارتباك فضلًا عما أصابه من أذى؛
بعدم علم، هو وعشرات من زملائه، أن شرطة نيويورك تراقب موقع المركز
الإسلامي لتحري أي مؤشرات تشير إلى أنشطة إرهابيّة محتملة, وهو ما اعتبره
شاه "اعتداء على فكرتي بشأن الفضاء الآمن".
وكانت
الصحف ووكالات الأخبار هزت السكان المسلمين في مدينة نيويورك بكشفها عن
دسّ الشرطة مخبرين في المساجد, والأحياء المأهولة بالسكان المسلمين, ونوادي
الجامعة الإسلامية في نيويورك وضواحيها, للتتجسس على المشاركين في الصلاة
وموضوعات الخطب والمحاضرات, والأغذية التي تباع في المطاعم، والحوارات التي
تناقش حول السياسات والأحداث العالميّة، بل يشك الطلاب المسلمون في جامعة
نيويورك في وجود مخبر جندته الشرطة داخل مجموعتهم, لمراقبة موقعهم الذي يضع
قائمة لمواقيت الصلاة, وتفسير القرآن, وشاشة عرض تقدم أقلام وثائقية حول
العنف الحضري.
وتقول
تقارير وكالة "أسوشيتد برس" للأخبار: إن الشرطة ترصد حركة المجموعات
الطلابيّة الإسلاميّة المنتسبة إلى ما لا يقل عن 16 جامعة في نيويورك
والشمال الشرقي للبلاد بما فيها جامعة ييل, وجامعة بنسلفانيا وجامعة
روتجرز, كما تتجسس على موقع المركز الإسلامي لجامعة نيويورك.
جديرٌ
بالذكر أن جامعة نيويورك للمسلمين تنافس الجامعات الأخرى, ومركزها
الإسلامي الذي يرعى رابطة الطلاب المسلمين وجمعيّة الطلاب المسلمين
القانونيين يعد أكثر شعبيّة بين الشباب المسلم في جميع أنحاء المدينة.
وخلال
لقاء على شكل حلقة مع الطلاب في ساحة المصلى, قال أحمد رازا وهو طالب علم
اقتصاد: "لا أحد يمكنه المجادلة في الحفاظ على شئون البلاد ونظامها, لكن
لا يمكن استخدام الإسلام كذريعة للتجسس على المواطنين", مضيفًا: "إذا سمح
لي بدقيقة للحديث مع العمدة بلومبرج فسأقول له: كيف يكون شعورك إذا ما
أرسلتَ ابنتك إلى الجامعة وتم التجسس عليها ومراقبتها؟".
يُشار
أن عمدة نيويورك مايكل بلومبرج دافع بشراسة عما تقوم به الشرطة قائلا:
"إنه موافق للقانون ومناسب لعالم ما بعد 11 سبتمبر" وأضاف في مؤتمر صحفي،
حول مراقبة مواقع الطلاب: "سنقوم بالنظر في كل شيء يعد في متناول الجمهور
عمومًا", كما قال متحدث باسم الشرطة: "تمّ القبض على العشرات داخل الولايات
المتحدة وخارجها بتهم تتعلق بالإرهاب، أحدهم طالب من المجموعات
الإسلاميّة".
غني
عن البيان أن هذه الأخبار أثرت بشكل كبير على دراسة العديد من طلاب جامعة
نيويورك, حيث أعربت إحدى الطالبات التي تدرس اللغة العربية عن خشيتها أن
يستهدف الإجراء القادم اللغة, وأضافت طالبة القانون المرتدية للحجاب,
ساخرة: "أصبحت أكثر هدوءًا وحذرًا في مناقشات الفصل الدراسي", بينما قال
آخر: "أخشى أن يقل أعداد القادمين إلى المركز الإسلامي خوفا من وضعهم تحت
المراقبة".
أما
رئيس جامعة نيويورك جون سيكستون فقد أرسل صدى هذه المخاوف في خطاب إلى
ريموند كيلي, مفوض قسم شرطة نيويورك قائلا: "إن قيام قسم الشرطة بمراقبة
المركز الإسلامي "مثير للقلق" مما جعل أولياء الأمور والطلاب يظنون أن
استمرار المشاركة في جامعة للجالية الإسلامية مخاطرة", بينما أدان ريتشارد
ليفين, رئيس جامعة ييل, ومجموعة من الجامعات الأخرى هذا التجسس وما تقوم
به قسم الشرطة.
يبدو
أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لا يستطيع أن يفي بما وعد به حينما قال
في خطابه للعالم الإسلامي بالعاصمة المصريّة القاهرة "الحرية الدينية هي
ركيزة أساسية تُمكِّن الناس من التعايش مع بعضهم البعض, لذا ينبغي علينا
دومًا أن نقيم الطرق الذي نضمن من خلالها تحقيق هذه الحرية" ليظهر للعالم
كله قبح وجه الولايات المتحدة ومسئوليها حينما يضعون من يحملون الجنسية
الأمريكية تحت "الميكرسكوب" ليس لشيءٍ سوى لأنهم مسلمين يعبدون الله وحده.
--------------------------- طالع....المصدر
تعليقات