ثورة الخيام في إسرائيل
ترجمة: حسن شعيب
لأكثر من أربعة أسابيع, اهتز المجتمع الإسرائيلي والنظام السياسي في دولة الاحتلال بسبب موجات الاحتجاج الاجتماعي التي لم تشهد إسرائيل لها مثيلا من قبل, حيث تدفق مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع, في استعراض شعبي للقوة لم يكن بمخيلة أحد أن يحدث في إسرائيل.
-----------------------------
طالع..المصدر
لأكثر من أربعة أسابيع, اهتز المجتمع الإسرائيلي والنظام السياسي في دولة الاحتلال بسبب موجات الاحتجاج الاجتماعي التي لم تشهد إسرائيل لها مثيلا من قبل, حيث تدفق مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع, في استعراض شعبي للقوة لم يكن بمخيلة أحد أن يحدث في إسرائيل.
ليس
ثمة شك أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تكن أبدا دولة العدالة والمساواة,
برغم ما يُشاع عنها في وسائل الإعلام الدولية, والدليل أنها لم تسلم من
الموجة الاحتجاجية التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط, بعد أن وصلت نسبة الفقر
فيها مستويات خطيرة, وتدنت المسؤولية الاجتماعية تجاه الفقراء والمحتاجين،
ليس فقط على الصعيد الاقتصادي بل على الصعيد العاطفي كذلك.
ومن
الواضح أن الحال في إسرائيل تبدل كثيرا, فبعد أن كان المواطن قديما يعيش
حياة متواضعة، إلا أنها كانت محترمة لنفسه وأسرته, إلا أن هذا كله قد نسف
خلال السنوات الـ 30 الماضية, نظرا لتعاقب الحكومات الإسرائيلية, والتهاب
قوانين الغاب الاقتصادية للاستيلاء على ما يمكن الاستيلاء عليه. حتى نفد
صبر الشعب، وجهر كثير من الإسرائيليين بـ "كفي" مدوية, وخرج الآلاف إلى
الشوارع للاحتجاج على ارتفاع أسعار المساكن, ثم أقاموا معسكرا للخيام على
طول شارع روتشيلد في تل أبيب, وانتشر التعبير عن الاستياء وعدم الرضا في
ربوع دولة الاحتلال, فاحتشد الأهالي متظاهرين ضد ارتفاع تكلفة رعاية
الأطفال, كما احتج الأطباء في المستشفى على الزحام.
هذه
الاحتجاجات لم تجب الشوارع والساحات والميادين الإسرائيلية للتعبير فحسب
عن الضائقة السكنية, بل تصدر هذا الاحتجاج الشعور بالإهانة والغضب لعدم
اكتراث الحكومة بمعاناة الشعب, والكيل بمكيالين ضد السكان القادرين على
العمل وتدمير التضامن الاجتماعي, ومن ثم انتشرت خيام الاعتصام في جميع
المدن الإسرائيلية, وأخذ المحتجون يهتفون قائلين, الشعب يريد "العدالة
الاجتماعية" و "تسقط الحكومة".
ومن
الملفت أن معاناة الشعب الإسرائيلي ناجمة عما تنفقه إسرائيل من المليارات
على المستوطنات في الضفة الغربية, والتي يعد أحد أكبر أخطاء دولة الاحتلال,
فضلا عن توجيه مبالغ ضخمة للمدارس الدينية المتشددة, حيث يترعرع أجيال من
المتطرفين المليئين بالحقد على البشرية جمعاء.
وقبل
كل شيء, فإن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسابقيه توفر
دعما معنويا وعاطفيا جامحا لكبار رجال الأعمال ومعارفهم وأصدقائهم, على
حساب الطبقة الوسطى والفقراء والمحتاجين.
والذي يثير الاشمئزاز أكثر, واستفزاز الطبقة الوسطى في إسرائيل, أن مصدر هذه الثروة التي تتدفق على المستوطنات, والمعاهد الدينية المتشددة وتضخم حسابات الأباطرة, هو المجهود الضخم الذي يبذله العمال والطبقة الكادحة في إسرائيل.
والذي يثير الاشمئزاز أكثر, واستفزاز الطبقة الوسطى في إسرائيل, أن مصدر هذه الثروة التي تتدفق على المستوطنات, والمعاهد الدينية المتشددة وتضخم حسابات الأباطرة, هو المجهود الضخم الذي يبذله العمال والطبقة الكادحة في إسرائيل.
وبالفعل,
حققت هذه الاحتجاجات الكثير, حيث شجعت المجتمع المدني في إسرائيل على
المشاركة, وإظهار التضامن بعد سنوات عديدة من التراخي, كما أن هذه
التظاهرات غيرت جدول الأعمال الاجتماعية في إسرائيل, وذلك بعدما تمكنت
مجموعة من الشباب الإسرائيلي بالنزول إلى الشارع والدعوة إلى تحقيق عنصر
الديمقراطية الشعبية, وإدارة شؤونهم بعيدا عن السياسيين والأحزاب, وهي
الخطوة التي استلهمها الشباب الإسرائيلي من الثورات العربية.
وبرغم
ما تطلقه وسائل الإعلام الدولية عن الديمقراطية التي تمثلها دولة الاحتلال
فقد كان أحد أبرز مطالب الاحتجاج, كما كانوا يهتف المتظاهرون في أنحاء
البلاد "الشعب يريد العدالة الاجتماعية", كما أكد المتظاهرون على مجموعة من
المطالب صارت ضرورية في هذه المرحلة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وحسب
ما يشير إليه كثير من المعلقين الإسرائيليين فإن دولة الاحتلال في طريقها
لأن تشهد ثورة شعبية, بعد عقود من اللامبالاة من قبل الرأي العام
الإسرائيلي, والسماح لحفنة من السياسيين بإدارة البلاد وفقا لرغبتهم, مع
عدم وجود مشاركة كبيرة من المجتمع المدني, وتغيير قواعد اللعبة السياسية أو
تداول السلطة بالشكل السليم، إلا أن معرفة ما الذي سينتهي إليه هذا
الاحتجاج, وكيف، سيظل من العسير التكهن به.
-----------------------------
طالع..المصدر
تعليقات